ترجمة الفصل الثالث من رواية بوابة المالا نهاية ل مايك كاري




تطلبت منصة الحقل الكمي إعادة تصميم بالكامل كي تناسب حجم انسان ، ولم تنوي هاديز ابدا أن تطوي نفسها داخل كرة مجوفة، حتى لو ضخم حجمها لاستيعاب جسدها، فقامت ببناء منصة دائرية صغيرة بدلاً منها. ولكي ينجح هذا، تعين عليها تشويه حيز الحقل إلى شكل أسطواني،. والذي أثبت أنه أكثر عبثًا مما تخيلته. حيث احتاجت إلى أجزاء ومواد لم تتوفر لديها، بما في ذلك لوح من الألومنيوم الشفاف للمنصة وأوقية أو اثنتين من الروثينيوم لنقاط الاتصال.

تبحث من مبنى إلى آخر عن تلك الأشياء، ينقبض قلبها من الظلام والصمت المخيف. لم تكن تنزعج من هذا الامر من قبل حيث لم يكن الظلام والصمت دالا علي نهاية العالم . ماذا جري في العالم بالخارج؟ لقد تركت نفسها عمدًا تنفصل عن ما يجري هناك ، خائفة مما قد تعرفه. فعادت مسرعة إلى المختبر وهي تشعر بتنميل بين كتفيها، كما لو كانت مراقبة. كان عليها أن تخطو بين جثث الطيور الميتة. والكلاب البرية القليلة التي بقيت، رغم جسمهم الهيكلي الآن، ولم يحاولوا أكل هذه الجثث الصغيرة، وهو ما ربما كان قرارًا جيدًا.

سألت هاديز روبشي."ما هي الأخبار بالخارج؟"

"لا اتابع شئ. اركز فقط علي ما يُطلب مني".

"ها انا اطلب منك الآن. اخبرني بأبرز الاحداث ."

ظلت الذكاء الاصطناعي صامتة لبعض الوقت. وقالت أخيرا "لقد انسحبت الولايات المتحدة من جميع المعاهدات والمنظمات الدولية وهناك توتر بين أفريقيا الرابطة القارية الأوروبية الذي ضم دول الاتحاد الأوروبي السابقة وروسيا. و هناك تهديدات بالحصار والحظر التجاري. النقص الغذائي حاد، خاصة في الدول المتاخمة للصحراء. لا توجد مجاعة فعلية حتى الآن، أو على الأقل لم يعترف رسميًا بأي مجاعة. تم الآن إخلاء معظم سكان لاغوس بسبب تفاقم انقطاع إمدادات المياه وتزايد خطر انتشار وباء الكوليرا والنازحون يزيدون الضغط على الموارد في مناطق شرق وجنوب المدينة. وتؤدي الارتفاعات غير الموسمية في درجات الحرارة والرطوبة إلى خلق أزمة أخرى، مما يؤدي إلى تفاقم الضباب الدخاني السام والتسبب في ارتفاع معدلات الوفيات بين كبار السن والعجزة ، حوادث إطلاق نار على اللصوص في أبوجا و حول المجمع الرئاسي.وصار مكان وجود الرئيس غير معروف.

قاطعتها هاديز: " كفي ."

قامت بجولة أخرى بحثا عن بدلة واقية ضد المواد الخطرة. وكان لدى مختبرات الأحياء بعض البدل الجديدة الرائعة المزودة بمرشحات هواء على أحدث طراز، لكنها كانت صفراء زاهية. لم يكن هناك ما يخبرنا بما قد تجده على الجانب الآخر من القفزة، وقد يكون من المفيد أن تكون غير واضحة. اختارت نموذجًا أقدم وأضخم حجمًا وكان لونه رماديًا باهتًا، واثنين من الخزانات التي يمكنها ربطها بالظهر.

و أثناء اجرائها لتعديلات المنصة سالت روبشي "ما الذي سأحتاجه أيضًا؟".

"لقد أرسلت قائمة إلى الكمبيوتر المحمول الخاص بك."

"شكرًا لك".

"إنها قائمة طويلة."

"اتوقع ذلك."

"بروفيسور تامبوال، أعتقد أنه من السابق لأوانه الانتقال إلى الاختبارات البشرية. الكائن الحي الوحيد الذي عرضته للحقل الكمي حتى الآن هي نملة. وفشلتي في إجراء أي اختبار متابعة لتحديد ما إذا كانت النملة قد عادت دون أن تصاب بأذى. و لا تعرفي حتى أين هي الآن."

لقد أعدته إلى البرية. أنا لست عالمة أحياء، يا روبشي. ولن أتمكن من استخلاص أي استنتاجات موثوقة علي أية حال".

أخذت في النهاية ثلث المعدات التي أوصت بها روبشي. لاقط عينات هوائية. عداد الإشعاع الذي استخدمته سابقًا. شعلتان، إحداهما تعمل بالبطارية والاخري يمكن تشغيلها يدويًا. مجموعة إسعافات أولية شاملة. بندقية مضيئة. بطانية . صاعق كهربائي. وستة أيام من حصص الغذائية للطوارئ .الرحلة ستكون قصيرة، لكنها افترضت ان معدل الحقل الكمي ربما قد يتعرض - لسبب ما - للفشل في إعادتها إلى مكانها مرة أخرى او أن الوقت يتدفق بشكل مختلف على الجانب الآخر من القفزة لذا كان من الأفضل النظر في مختلف الاحتمالات.

الشيء الوحيد الذي غفلت عنه هو أن تترك خلفها ورقة حول المكان الذي ستذهب إليه. هذا الإغفال جعلها تشعر بالانزعاج، لكنها برتت ذلك بمرور وقت طويل منذ أن تحدثت مع والدتها أو أخواتها. إن الاتصال بهم الآن وإخبارهم بالمخاطرة التي كانت تخوضها بدا أمرًا قاسيًا فقط و انقطاع اتصالها عن أفراد عائلتها والشبكة الواسعة من الأعمام والعمات وأبناء العم - كان مقصودًا وصعبًا للغاية: وشعرت انه لا يمكن لها ان تتراجع منه. ولم يكن هناك أحد في المشروع لتترك له خبرا، وإشراك السلطات المحلية - على افتراض أنها قادرة على الوصول إليهم - يعني المخاطرة بأخذ المشروع منها. وهي لم تستطع أن تتحمل فكرة عدم إنهاء ما بدأته.

ومع ذلك، فقد قامت بتحميل كل ما لديها في ذاكرة روبشي الواسعة. جميع نتائج الاختبار والنتائج التي توصلت إليها، ومخطط تفصيلي لجهاز الحقل الكمي نفسه وبعض التكهنات حول كيفية تحسينه . وقالت للنظام: "اعتبر هذا أمرًا عاجلاً". "إذا لم أعود، اعرض ذلك لأي شخص يأتي إلى هنا . أخبرهم أن هذا البحث يمكن أن يغير العالم." ثم اضافت في تردد " اذكري اسمي. وأخبريهم أنني من توصلت لذلك" .

وعدتها روبشي "سأخبرهم أننا فعلنا ذلك"، .

"ماذا؟"

"امزح معك يا بروفيسور . اعتقدت أن مطالبتي المستترة بالاستحقاق البحثي في مشروعك ستبدو لك مضحكة".

عبست هاديز . "روبشي أنا في حيرة. ، هل مسموح لك بإلقاء النكات؟

"لست محظورة من ذلك . ولا يؤثر هذا علي وظائفي."

اصيبت هاديز بالذعر . مما قد يتوقع أن يقوم به ذكاء اصطناعي ذو ميول كوميدية بثمرة جهد حياتها، قامت في جهد كبير بنسخ جميع ملاحظاتها يدويًا ، وتركتها في مجلد على مكتبها، ملفوفًا ومغلقا بالبلاستيك ضد ظروف الطقس. و تركت رسائل إلى والدتها وأخواتها أيضًا، في حالة حدوث ذلك. - ان اختفت في اسوء الاحتمالات - من الممكن أن يفتقدها احد في النهاية. فيذهب شخص ما إلى المختبر في مرحلة ما للاطمئنان عليها، وإذا فعلوا ذلك، فسيجدوا سجلاً مفصلاً لتجاربها - وبتدخل روبشي أو بدونه. سيمضي العمل قدمًا تحت إشراف شخص آخر.

لم يكن هناك أي جدوى من أي تأخير إضافي. أتمت هاديز إعادة التصميم، واختبرت المنصة الجديدة بدقة. و بمجرد أن اكملت تسجيل ملاحظتها يدويا، قامت ببرمجة جهاز الحقل الكمي وتجهيزه، واحتاجت إلى حقيبة لجميع معداتها ومؤنها. و ربطت معدل الحقل الكمي بكم بدلتها الواقية ، الذي برمج لإعادتها بعد خمس دقائق لكنها عدلته لتتمكن من تفعيله قبل ذلك الوقت بلمسة منها. لم تكن هناك مرآة يمكنها أن تتفحص نفسها فيها، وربما كان هذا رحمةً منها. ما زالت غير قادرة على تصديق أنها كانت على وشك القيام بشيء غبي ومتهور للغاية.

قالت لروبشي"تمنى لي التوفيق"

قالت النظام "أتمنى لك التوفيق في سعيك."

تعثرت في المضي في الامر ، حين وجدت أنها لا تستطيع الضغط على زر تشغيل المنصة بالقفازات الضخمة لبدلتها الواقية .

استأذنتها روبشي بلباقة. "هل بامكاني تقديم المساعدة؟"

"أنا بخير، شكرًا لك." في احباط ظلت هاديز تلتف بحثا لدقيقة أو دقيقتين عن شيء يمكنها استخدامه، قبل أن تتذكر القلم. كان حجمه مثاليا ، ضغطت على الزر بطرفه، ثم صعدت على المنصة.

همم الجهاز أثناء تسخينه في طنين ذو نغمة دو دييز ثم اغلقت دائرة التشغيل برنين مكتوم كصوت نخب كأسين.

ودون ضجة أو إحساس بالحركة على الإطلاق صارت هاديز في مكان آخر تمامًا.

كانت تقف على سهل عشبي، تحت سماء زرقاء زاهية ومثالية. الهواء مزدحمًا بزقزقة العصافير، كتمه وشوهه ميكروفون رخيص الثمن خاص ببدلة الوقاية. الشمس في ذروتها، مشرقة بشكل يعمي البصر. لم تفكر هاديز في التحقق من الأمر، لكن ساعتها قبل القفز مباشرة كانت 11.55 صباحًا .

خطت خطوة وكادت أن تسقط ، و أنقذت نفسها عن طريق نقل ثقل وزنها. الأرض هنا غير مستوية، مليئة بالصخور الرمادية الكبيرة تتخللها بقع متناثرة من العشب والزهور البرية . كان العشب يبدو مثل نبات الكيتش، لكن شفراته مُحاطة باللون الأحمر. الزهور الأقرب منها تشبه ظاهريا زنابق اللهب والداغاس. و ميزت الحشرات التي تنتقل بينهم بسهولة. مشعرين مثل النحل الطنان، لكن أجسادهم قرمزية اللون، و لديهم بطون طويلة تتدلى مباشرة تحتهم أثناء التحليق.

لماذا فشلت الكاميرا في عرض أي لقطات لهذه البقعة المثالية؟ ركعت هاديز لتفحص الأرض عن كثب. كان هناك خندق ضحل تعلوه ضفة . لهذا السبب سجلت الكاميرا الظلام فقط حين تجسدت في وضع سيء، فكانت عدستها تحدق مباشرة في جدار مائل من الطين الجاف الذي هو في الظل على الدوام.

امتد أمام نظر هاديز وعلى يمينها، سهل لمسافة ليست بعيدة، حيث لمعت جبال رمادية زرقاء خلف ستار من الضباب ، و على بعد مائة ياردة منها كانت الأرض منحدرة بشدة. ميزت هذا الانحدار جيدًا. حيث يكون دوما أمامها في كل مرة تخرج فيها من المختبر لتجلب السجائر. كان المجري الذي يتدفق عبره نهر باداغاري. لم يكن هناك سياج على الجانب الآخر منه، ولا علامة على وجود شاحنة كوتي ، و من غير الممكن أن تكون مخطئة.

بعد فحص حالة الهواء ووجدته جيدًا، خلعت قناع بدلتها مزيلة غطاء الرأس. هاجمتها الروائح القوية للزهور البرية بشكل مبهج للغاية، بالإضافة إلى رائحة الأرض الرطبة والعفن.

سارت إلى أعلى المنحدر ناظرة إلى الأسفل. كان هناك فأر كبير يتجول بجوار الماء، ويأكل ببطء وثبات من مجموعة من الأعشاب الضارة. هناك الكثير من الحشرات، بما في ذلك بعض الفراشات بحجم يدها. لم يكن هناك أسرة أو مراتب قديمة أو زجاجات مهملة أو علب الوجبات السريعة. مجري الماء عبارة عن شريط بلوري عرضه ضعف مجري الماء المسدود بالقمامة الذي اعتادت عليه. تتحرك فيه الأسماك الكبيرة عكس التيار، وتحرك ذيولها ذهابًا وإيابًا.

نظرت للأعلى، رأت أسرابًا من اليمام الأحمر العينين وطيور الطورق وطائرًا كبيرًا جدًا اعتقدت أنه نسر حتى رأت راسه ذات اللون الأصفر .و لم يسبق لها أن سمعت عن طائر جمع بين هذا الريش وطول جناحيه.

نزلت إلى حيث يفترض ان يكون هناك الطريق، وجسر حديدي قديم مثل الحد الشرقي لموقع المشروع. وبدلاً من ذلك، وقفت مجموعة من الأشجار الضخمة، وأشجار البلوط القديمة عالقة في شبكة من النباتات الزاحفة .

غاصت هاديز بين عشب ذي اسنان حادة وبكت. نشط مُعدِّل الحقل الكمي بعد دقيقة أو نحو ذلك وأعادها إلى المنزل مرة أخرى، وكانت لا تزال على ركبتيها، رأسها منحني في هيئة عبادة. لقد كانت تذل نفسها أمام الكون، الذي أعطاها هذه الهدية الرائعة وغير المتوقعة.

لاغوس البكر! أفريقيا والأرض التي يبدو أنها لم تعرف الحياة البشرية أبدًا! ثروة من الموارد هائلة بما يكفي لجعل الحرب بلا معني وتحنب كوكبها حافة الهاوية! غممت بالشكر وبغيرها من كلمات لا منطقية بالنسبة لها. حيث كانت ملحدة ذات قناعة راسخة،. ولكن كانت تلك لحظة يغفل فيها عن تلك التفاصيل الدقيقة مؤقتًا.

لم تغفل هاديز عن إحد التفاصيل . حيث سارت عشرين ياردة في العالم الآخر. والآن، بعد أن عادت إلى مكانها التصلي، لم تعد كما كانت على المنصة والتي هي في الركن الشمالي الشرقي من مختبرها، اما جدارها الخارجي مباشرة. يبدو أن السفر بين الأبعاد لا يتضمن أي تحرك في متجه آخر . لقد نقلت من موقع في العالم أ إلى موقع مماثل تمامًا في العالم ب. ولكن عندما انتقلت فور وصولها هناك، فإن نقطة عودتها تغيرت مع تلك الحركة. لقد كانت محظوظة لأنها لم تتجسد مرة أخرى داخل الجدار.

سألتها روبشي. "كيف سار الأمر؟"

في صوت برتعش "لقد سار الأمر على ما يرام. ، لقد سارت الأمور بشكل جيد للغاية يا روبشي."
وقفت على قدميها أخيرًا، وخلعت البدلة الواقية . هناك الكثير من الأشخاص ممن كانت بحاجة إلى إخبارهم. والكثير لشرحه. والكثير من الترتيبات للقيام بها.

قالت لها روبشي في لطف"هل ترغبي في تسجيل ملاحظة؟" .

"فيما بعد." غادرت هاديز المختبر وانطلقت في سرعة نحو مبنى الإدارة.

وفي منتصف الطريق وقعت اولي الانفجارات .
ء Infinity Gate by M.R. Carey

Comments

Popular posts from this blog

ماذا ينقص الخيال العلمي العربي ليصبح مرآة مستقبلية؟