نظرة على رواية "محركات قاتلة".. تاريخ أم خيال علمي؟



محركات قاتلة هذا هو العنوان الرئيسي، ومن تلك العتبة ندخل عملاً يُصنف ضمن الخيال العلمي في أدب ما بعد الكارثة.

أحداث الرواية

بعد حرب ضارية تغيرت فيها سمات العالم، في زمن بعيد في المستقبل اندثرت الحضارات واختفت الدول، لتحل محلها مدن متحركة، وشرسة، وعدوانية، تقتات على الأصغر منها، أو كما لقبها الكاتب محركات قاتلة، تبرر كل الجرائم وترجعها لأسباب من وجهة نظر تلك المدن وقاطنيها وجيهة.


لكن لحظة...

ألم تكن تلك أفعال أغلب تلك الدول أو المدن التي تعبر عن تلك الدول في الماضي؟

ألم تُغزَ البلاد الضعيفة وتستباح ثرواتها ومقدراتها، بل وسكانها؟

ألم تكن تلك عقلية سكانها؟

حروب مباشرة بتبريرات واهية، وحروب بالوكالة، واستعجال النصر بالأسلحة المدمرة.

ألم تحدث تلك الأحداث في الماضي؟


كل الإجابات حضرت في ذهني وأنا أقرأ، وأتخيل حدوث تلك المعارك وبعض الأحداث فيما مضى كقصة رمزية، فها هي محركات قاتلة تعبّر عن مآسي الماضي، لذا كنتُ أقرأ وكأني أقرأ رواية تاريخية باختلاف طفيف في التفاصيل.


ورغم أنها محركات قاتلة إلا أن الصراع بين الخير والشر في النفس البشرية حاضر بقوة، الشخص يقتل ويحاول إيجاد سببٍ لتبرير القتل، يغدر ويبحث عن أوراق التوت التي يواري بها سوءته، حتى إنه يضحي بأرواح الكثير من الناس في سبيل الحب..


حتى من كانوا ينتقدون تلك الأفعال في الرواية ووقعوا فيها حاولوا تبريرها بشكل ما، ومع الوقت صار كل شيء مباح مع وخزة من الضمير التي ما تلبث أن تختفي.


وفي ظل تلك الحروب والقتل والشرور يظهر جناح آخر في نصف العالم الشرقي، يُدعى بمناهضي التحرك، لكن حتى أولئك الذين خرجوا ليعيدوا العالم أخضر لم يستطيعوا فعل ذلك إلا بالقتل والتدمير للهمجيين من وجهة نظرهم.

حروب تتبعها حروب وقتل، وانقلابات في أنظمة الحكم والكل يسعى لفرض سيطرته ورأيه، لكن كان هناك في الطرفين من يدعو للسلام.

سأم كل تلك المعارك، كأن الكاتب يقول ها هما الخير والشر يجتمعان ويفترقان يتصارعان وينتصران، أحدهما ينتصر لوقت ويطغى آخر لفترات.

هناك اختلاف كبير بين رواية محركات قاتلة والفيلم، وأظن أن الفيلم ظلمَ الفكرة وأخرجها بشكل أقل من إبداع الرواية.



شخصيات الرواية

شخصيات رواية محركات قاتلة كثيرة جداً، وأظن سبب ذلك كثرة الأحداث وتعدد الأدوار، وظهور الجانب الشرير في كل الشخصيات عدا شخصية أو اثنين لا أكثر حيث ظهر أنهما يحاولان السعي للخير بلا كلل.

ويؤخذ عليه ضعف الشخصيات الخيرة أو سذاجتها، وقد ظلم الكاتب شخصية هيستر بجعلها سيئة في كل الأوقات رغم أنها عانت وضحت بالكثير من أجل من أحبته، والأغرب نهايات الشخصيات الرئيسة في الرواية ولسبب ما شعرت أنها النهاية الطبيعية في مثل تلك الرواية.


تطرقت الرواية للعنصرية الطبقية وغياب العدل والمساواة بين الطبقات، وتطرقت للظلم الواقع على الطبقات الدنيا من العمال.

وتطرقت للصراع الأبدي بين معسكري الشرق والغرب، والعجيب أني رأيت الكاتب منحازاً لمعسكر الشرق، لكن في الأخير انتصر لصالح البشرية.

تطرت للحروب بالوكالة، والتضحية بالجنود في وجود طرق أخرى للحرب، وجنون القادة الذي يدفع لهلاك الدول، عذراً أقصد المدن...

ومن القضايا التي جذبتني فيها أطفال الشوارع وضياعهم أو اختطاف الأطفال وغسيل أدمغتهم ورغم ذلك يبقى الطفل داخلهم ينتظر والديه، متعلقًا بكل من يجد لديه ذرة من حنان.

حقيقة رواية محركات قاتلة رواية خيال علمي، لكنها تطرقت لأكثر من قضية، اجتماعية ونفسية وتاريخية وعاطفية وغيرها...

وتبقى الأماكن والترحال بين المدن من أكثر سمات الروايات التي تجذبني، ورغم محاولة الكاتب مقاربة الوصف لما يميز تلك المدن المقصودة برمزيتها، لكنه ظلم العديد من المدن مثل القاهرة وكوم أمبو وبنغازي وغيرها.



 


نشر المقال  أحمد السيد أبو مكي   أكتوبر2022,  في موقع جواك


Comments

Popular posts from this blog

فيلم آلة الزمن… عن الشعوب المسالمة ومصير البشرية

مستقبل من الماضي - عن سلسلة ملف المستقبل

وثيقة تاريخية وأسرار فلكية...تفاصيل "البوابات السبع" أول مسلسل خيال علمي سوري