رواية سفينة الاجيال لمايكل ماماي .. مقال مترجم

تحياتي للقراء، ومرحبا بكم مرة أخرى في مراجعة كتاب أخرى! سننظر هذا الشهر في اكثر كتب الخيال العلمي من النوع الصارم سفينة الاجيال لمايكل ماماي. وتلك ليست أطروحة عن الشؤون السياسية الجارية او عن العنصر الخالد في الطبيعة البشرية

على عكس أعمال ماماي السابقة، تميل تلك الرواية أكثر الي اسلوب آرثر سي كلارك أو بن بوفا في الخيال العلمي بدلاً من الخيال العلمي العسكري الذي اشتهر به هذا المؤلف في سلسلة رواياته Planetside. في هذه الرواية، أرسلت البشرية سفينة فضائية من الأرض إلى كوكب بعيد في رحلة يمر عليها أجيال متعددة ،،. وصولهم الي الكوكب في متناول اليد ، لكن الامر لا يسير بسلاسة مثلما يتمني من هم علي متنها، لقد تغير مجتمع السفينة على مدار مئات السنين من الرحلة، مما أدى إلى ظهور فصائل مختلفة تجد لنفسها أهداف متضاربة، وذلك قبل إضافة العداء الطبيعي الذي لا يمكن تفسيره من الكوكب نفسه.

أول شيء سيلاحظه القارئ النبيه عند قراءته للرواية هو أنها تجسيد للشروخ المجتمعية التي تهدد بتقسيم الولايات المتحدة إلى فرق متحاربة، وهنا يجب أن أعطي ماماي الكثير من التقدير. كان من السهل جدًا ان يجعل الشخصيات رسومًا كاريكاتورية أحادية البعد ولكن كل شخصية هنا لديها أعماق كثيرًا تهدم توقعات القراء وتعكس التعقيدات الفوضوية التي تجري بين بشر حقيقيين . لا يوجد أي أشخاص "سيئين" في هذه القصة رغم وجود الكثير من الشخصيات الشريرة في احداثها،. وهو خط رفيع يصعب المشي عليه. بدلاً من ذلك، قام المؤلف بعمل رائع في منح القارئ طرقًا لفهم الدوافع وراء تصرفات الشخصيات، حتى يتمكن القراء من التعاطف مع الشخصيات التي قد لا يتفقون معها شخصيًا

الشيء الثاني الذي سيلاحظه القارئ الذكي هو أنها ليست مجرد رواية تهتم بالإمبراطورية المهيمنة حالية على عالمنا ، إنها قصة تهتم ببقائنا كبشر. كنوع حي، وهذا هو ما يقدمه ماماي حقًا. هذا الكتاب، ولا أستطيع أن أؤكد على هذه النقطة بما فيه الكفاية،. هو تصوير كوكبنا كسفينة فضائية تعبر الفراغ المميت للفضاء وكيف نقوم جميعًا بشكل جماعي بتدمير البيئة التي تتيح لنا بالوجود. على الرغم من كل صراعات القوة البسيطة التي تنخرط فيها الشخصيات في الرواية ، الا انهم جميعًا يدركون أنهم بحاجة إلى السفينة سليمة من أجل البقاء،. وهو درس أتمنى من كل من قارئ لهذا الكتاب ان لا يستوعبه فقط ، بل يوضحه أيضًا لأي شخص آخر في حياته لم يقرأه. بالإضافة إلى ذلك

يقوم ماماي بخطوة اخري ويوضح للقارئ أن تكرار نفس الأخطاء في بيئة جديدة ليس بالأمر الناجح بالضرورة،. في تناقض صارخ للمواقف المؤيدة للاستعمار التي تبناها مؤلفو الخيال العلمي السابقون.

الشيء الثالث الذي سيلاحظه القارئ الماهر هو أن هذا الكتاب مجرد كتاب ممتع للقراءة. والصراع والدراما التي تجري بين أفراد الطاقم تخلق توترًا وشد من فصل إلى فصل مما يحافظ على استمرار تقليب الصفحات، ويحدث ايقاع حبكة الرواية ما يكفي بشكل متكرر لدفع واستثمار ما يبني في العمل للوصول الي النتيجة النهائية. أعتقد أن اكبر ثناء يمكنني تقديمه هو أنني أثناء قراءتي لهذه الرواية، كان علي أن أبعد نفسي بعيدًا عنها عدة مرات من اجل القيام بالتزاماتي في العالم الحقيقي، وفي كل مرة اقوم فيها بذلك، كنت اشعر بالإحباط لأنني لم أتمكن من مواصلة القراءة ومعرفة ما حدث بعد ذلك.

بشكل عام، إذا كنت تبحث عن كتاب يهتم بأشخاص يقفوا وراء التكنولوجيا أكثر من تركيزها علي التكنولوجيا نفسها، ولو كنت مهتما ايضا بكوكبنا ولو بأدنى حد ، فلن تتندم علي قراءة هذا الكتاب ، أخشى مع نجاح العمل ان تنظر إليه الأجيال القادمة وتسأل نفسها: "لماذا لم ننتبه؟"،،. لكن مهلا، ربما يثبت الجميع خطأ نظرتي