أدب الخيال العلمي في العالم العربي منفصل عن واقعه وقضاياه



متناولةً أدب الخيال العلمي وتأثيره على الواقع وتكنولوجيا اليوم، نظم «معرض الشارقة الدولي للكتاب» في دورته الـ41 ندوة بعنوان «الخيال العلمي وواقعنا الجديد» نوفمبر 2022  بمشاركة الروائي السوري إسلام شكير، المتخصص في أدب الخيال العلمي والفنتازيا، والكاتبة الأمريكية (ماري لو)، المتخصصة في أدب الخيال العلمي.

وانطلقت الندوة بحديث الكاتبة (لو) عن الخيال العلمي بوصفه «انعكاسًا لواقع عصره الآني»، فمن خلال هذا الواقع، وما فيه من تكنولوجيا وأحداث، يستلهم الكتاب والأدباء خلق تصورات لمستقبل الأشياء والأمور التي ستكون، مبينةً أن «الخيال العلمي يعيد تصور الأشياء الحالية، لخلق تصورات مستقبلية».

بينما انطلق الروائي إسلام من واقع أدب الخيال العلمي في العالم العربي، مؤكدًا أنه «لا يحظى بالاهتمام اللازم على مختلف المستويات؛ فالكتاب لا يهتمون بهذا النوع الأدبي، والقراء لا يقبلون عليه، والنقد يهمله إهمالًا تامًا»، مبينًا «الاستقبال النقدي والجمايري لأدب الخيال العلمي يمارس نوعًا من الاستعلاء، إذ ينظر لهذا النوع كأدب مراهقين، أو هو فقط للاستهلاك العابر!، وهذا ما يجعل الكتابة في هذا النوع شكل من أشكال التحدي».

ويشير إسلام إلى أن تحسن يشهده العالم العربي تجاه استقبال هذا النوع الأدبي، لافتًا إلى أن «العديد من المؤسسات بدأت تهتم بهذا النوع وترعاه»، وهذا الاهتمام المتنامي «قد يساعد في تغيير صورة الخيال العلمي في الذهنية العربية، ويجعله نوعًا أدبيًا خصبًا، يستحق أن يتخذ مكانته».


بين الخيال العلمي والتكنولوجيا

وعلى صعيد مقاربة ما ينتجه أدب الخيال العلمي والتكنولوجية الحالية، بينت (لو) أن هناك فارقًا بين ما يكتب وما هو واقع، «صحيح أن الكثير من الخيال العلمي في زمنيةٍ ما أضحى واقعًا الآن»، إلا أن (لو) ترى أن هناك أنواعًا من الخيال العلمي، فما يكتب في نطاق المستقبل القريب هو خيال علمي ممكن التحقق، إذ يقوم على قراءة الواقع، والتنبؤ بما ستكون عليه التكنولوجية في المستقبل القريب، مفرقة بين هذا النوع، والنوع الآخر الذي يكتب في نطاقات مستقبلية بعيدة جدًا، والذي تعده (لو) فنتازيًا أكثر من كونه خيالًا علميًا، حتى وإن ارتكن للعلوم في تصوراته.

وفي هذا السياق، يؤكد إسلام أن أدب الخيال العلمي «قادر على رفد الواقع، وتشكيل التصورات للتقنيات والإمكانات التي يعمل عليها العلم الواقعي»، مبينًا «إذا ما أخذنا الاتصال الآني عبر الهاتف، والإنترنت، فإنه كان شكلًا من أشكال الخيال العلمي قبل عقود قليلة، كما أن السفر بين الكواكب ما زال يشكل خيالًا علميًا، لكنه قد يتحقق في غضون عقود قليلة».


العالم العربي وأدب الخيال العلمي

يقف إسلام على جزئية غياب النقد المختص بأدب الخيال العلمي في العالم العربي، معربًا عن آسفه لهذا الغياب، لكنه يوضح أن «النقد العربي بوغت بدخول أدب الخيال العلمي إلى الساحة الأدبية، متفاجئًا بموضوعاته، وقضاياه، وأطاريحه». في الوقت ذاته، يشير إسلام إلى أنه على الرغم من المحاولات القليلة الموجودة عربيًا في كتابة أدب الخيال العلمي، «إلا أنها نصوص فقيرة، تفتقد للنضج، وما هي سوى نصوص تستلهم التجربة الغربية، بكل قضاياها وهمومها»، ولهذا يدعو إلى «البحث عن أدب خيال علمي ينتمي لنا».

وهذا ما تحث عليه (لو)، الأمريكية من أصول أسيوية، مؤكدةً أن هناك طغيانًا للتجربة الغربية، والبطل الخارق الأبيض الذي يخلص البشرية «حتى بات مسلمًا في ذهنيتنا بأن البطل الخارق لابد أن يكون أبيضًا أو غربيًا، وأن أدب الخيال العلمي لا يستقيم إلا إذا كان غربيا!»، مشجعةً على تأصيل هذا النوع الأدبي في آسيا، وأفريقيا، والعالم العربي، وغيرها من الأمكنة، مؤكدةً «لمحو صورة البطل الخارق الأبيض، وإقران الخيال العلمي بالتجربة الغربية حصرًا، لا بد أن نبادر للكتابة، للتأكيد على تنوع الهويات، وحضورها في هذا النوع الأدبي الغزير».


نشر المقال نوفمبر 2022 في موقع الايام


Comments

Popular posts from this blog

ماذا ينقص الخيال العلمي العربي ليصبح مرآة مستقبلية؟

ترجمة الفصل الثالث من رواية بوابة المالا نهاية ل مايك كاري