مايكل كرايتون.. موسوعية الكاتب ومجد الكتابة




مايكل كرايتون حالة فريدة؛ ليس لأنه واحدًا من أكثر الكُتاب مبيعًا في العالم، ولا لأنه تفوق، في بعض الأحيان، على ستيفن كينغ، ولا جون غريشام، ولا جيه كيه رولينغ، ولكن يكمن تفرده الحقيقي في موسوعيته؛ فهو رجل يبدو وكأنه آتٍ من عصر بعيد؛ حيث كانت العلوم متضافرة، وكان هناك أشخاص ملمون بالكثير من المجالات والتخصصات العلمية والمعرفية المختلفة.


والحق أن مايكل كرايتون كان واحدًا من هؤلاء الموسوعيين، «واحد من فناني عصر النهضة» كما قيل عنه، وإزاء هذا الوضع، فليس في وسعنا أن نحدد هل موسوعيته سبب نجاحه أم العكس. لكن المؤكد أن الرجل كان علامة فارقة في الرواية، والخيال العلمي، والإخراج.


وستدرك ما نقوله هنا على نحو جيد إذا كنت شاهدت مسلسل Westworld الذي هو من كتابة وإخراج مايكل كرايتون؛ فهذا العمل هو مثال معبّر عن الطريقة التي يفكر بها هذا الرجل، وقدرته على صوغ عوالم متخيلة فائقة الدقة، ومستندة على المعطيات والمنجزات العلمية في الوقت نفسه.


ولعل ما ميز مايكل كرايتون أيضًا أنه كان عابر حدود _بالمعنى المجازي للكلمة_ إذ امتدت مجالات دراساته واهتماماته من الأنثروبولوجيا إلى الطب، وصولًا إلى الرواية، وكتابة السيناريوهات والإخراج. هذه الثروة المعرفية التي كان يمتلكها الرجل مكّنته من صنع عوالمه على نحو فريد.


وتحل ذكرى ميلاد هذا الرجل في الثالث والعشرين من أكتوبر، واحتفاءً بهذه المناسبة يرصد «رواد الأعمال» نُبذًا من سيرة حياته، وبعض نجاحاته وذلك على النحو التالي.


وُلد مايكل كرايتون في شيكاغو، إلينوي (23 أكتوبر عام 1942) لكنه عاش وترعرع في لونغ آيلند بولاية نيويورك. نُشر أول مقال له، وهو مقال عن السفر، في صحيفة نيويورك تايمز، عندما كان في الرابعة عشرة من عمره فقط. وقبل الالتحاق بجامعة هارفارد، درس مايكل كرايتون اللغة الإنجليزية في البداية قبل التحول إلى الأنثروبولوجيا. وسافر إلى جامعة كامبريدج كمحاضر زائر في الأنثروبولوجيا، وفي عام 1965 عاد كريشتون إلى الولايات المتحدة للالتحاق بكلية الطب بجامعة هارفارد؛ حيث حصل على شهادة الطب عام 1969م. درس في جامعة هارفارد وتخرج سنة 1964 م، ثم نال درجة الزمالة في معهد سولك في كاليفورنيا، 


عمل في معهد العلوم الطبية (اساتشوستسي). ومن عام 1969 إلى عام 1970 عمل كرايتون كزميل ما بعد الدكتوراه في معهد جوناس سالك للعلوم البيولوجية.  أثناء عمله طبيبًا كان يكتب روايات عديدة بأسماء مستعارة، وكتب إحدى الروايات بمساعدة أخيه (دوغلاس)، وكان الاسم المستعار لكاتب تلك الرواية هو “مايكل دوغلاس”. فازت روايته الغامضة “A Case of Need” بجائزة إدغار آلان بو لعام 1968م. حُولت عدد من رواياته إلى أعمال سينمائية منها: “روبرت وايز”،”وبول ويلمايز”، “باري ليفنسون”، وريتشارد دونز” وغيرها من الأفلام الروائية التي امتلأت بالإثارة والتشويق ولاقت شهرة عالمية كبيرة.


كتب مايكل كرايتون في حياته 18 رواية كبرى، معظمها من أكثر الروايات مبيعًا، بما في ذلك The Andromeda Strain وThe Great Train Robbery وJurassic Park وCongo وDisclosure وSphere. بيعت كتبه أكثر من 200 مليون نسخة في جميع أنحاء العالم، وتم تحويل 13 من رواياته إلى أفلام رئيسية، حقق العديد منها نجاحات مالية ضخمة (Jurassic Park وحده حقق أكثر من 3.5 مليار دولار في جميع أنحاء العالم).أخرج أيضًا سبعة أفلام (بما في ذلك Westworld وComa وThe Great Train Robbery).


في عام 1990م، نشر مايكل كرايتون فيلم الخيال العلمي المثير الناجح Jurassic Park، والذي يتصور بشكل كئيب بعث الديناصورات البشرية من خلال الهندسة الوراثية. كتب سيناريو فيلم 1993 الذي حقق نجاحًا كبيرًا، وأعمال أخرى مثل The Lost World (1995، و1997) ، وهو تكملة لـ Jurassic Park. بالإضافة إلى ذلك، قام بتصور وإنتاج العرض التلفزيوني الناجح للغاية ER، وهو دراما أسبوعية مدتها ساعة حول الأزمات والعلاقات في غرفة الطوارئ بالمستشفى.


في عام 1995، حقق لحظة ثقافية أخاذة عندما حصل على الكتاب الأكثر مبيعًا في البلاد ولم يتفوق أحد عليه لا ستيفن كينغ، ولا جون غريشام، ولا جيه كيه رولينغ، وقد قيل إن مايكل كرايتون كان يكسب 100 مليون دولار سنويًا.


قال عنه جورج كلوني: إن “مايكل كان يُشار إليه دائمًا على أنه رجل عصر النهضة؛ هذا لأنه كان جيدًا جدًا في العديد من الأشياء: طبيب، كاتب، مخرج، وكان شخصية مذهلة يبلغ طولها ستة أقدام وتسعة”. أما مايكل دوغلاس؛ الذي لعب دور البطولة في فيلم Coma and Disclosure فقال عنه: “كان عبقريًا شديد البرودة”، و”كان حقًا عملاقًا لطيفًا، خجولًا جدًا ولكنه مرعب. كان هذا الرجل خارج المخططات فيما يتعلق بالعقل”.


توفي مايكل كرايتون في الرابع من نوفمبر عام 2008م عن عمر يناهز 66 عامًا في لوس أنجلوس. بعد وفاته في عام 2008، تم اكتشاف مخطوطتين مكتملتين: Pirate Latitude، وDragon Teeth، والتي تركز على التنافس بين علماء الحفريات في الغرب الأمريكي خلال القرن التاسع عشر. نُشرت الروايتان في عامي 2009 و2017 على التوالي.


كتب المقال محمد علواني ونشر في موقع  رواد الاعمال أكتوبر 2020




Comments

Popular posts from this blog

ماذا ينقص الخيال العلمي العربي ليصبح مرآة مستقبلية؟

ترجمة الفصل الثالث من رواية بوابة المالا نهاية ل مايك كاري