مراجعة فيلم Nope – مغامرة جديدة لجودرن بيل لم تخرج بالشكل المطلوب




يعد مخرج فيلم Nope “جوردن بيل” واحداً من ثلاثة مخرجين شبان وهم “أري أستر” و”روبرت إيجرز” أحدثوا نقلةً نوعيةً لسينما الرعب بتجريدها من الشكل التقليدي المتعلق بقفزات الإخافة “Jump Scares” وقصص الأرواح الشريرة وما شابهها، وأصبح توججهم السينمائي يميل ناحية الرعب النفسي المرتكز علي مخاوف البشر من هول الأخطار التي يتعرض لها سواءاً كانت من أفعال أشخاصٍ أخرين أو ظواهر غير طبيعية أو أماكن منعزلة عن العالم يحيط بها السكون والوحشة البيئية كعنصرٍ أساسي قد يدفع بقاطنها إلي الجنون.


ما يميز “بيل” أكتر عن بقية الأسماء هي تمكنه من خلط الواقعية بالخيال كما فعل في فيلم “Us”، وخلق مادةٍ جديدة تجسد مساؤي العنصرية بطريقة مبتكرة فريدة من نوعها بعيدة كل البعد عن الدراما والتراجيديا مثلما تجسدت في فيلمه الأول “Get Out”، وإستحق بها “جودرن بيل” الفوز بجائزة الأوسكار لأفضل سيناريو أصلي نتيجة المظاهر الإبداعية المختلفة التي ربما أثارت حفيظة شخصية عن جدوي إستحقاقها للأوسكار، قبل أن يكمل “بيل” رحلته مع الرعب بصورةٍ أكثر نضوجاً في فيلم “Us” إختلف معها الرأي تماماً، وإزدادات الإشادات كليتاً بكل مجهودات “بيل” الفنية وكذلك الإخراجية.


 ثالث أعماله فيلم Nope، يحاول “بيل” للمرة الثالثة تجديد دماء نوعية الرعب التي يقدمها عن طريق إدخال بعض مفاهيم الخيال العلمي بمقدارٍ معين يخدم الفكرة التي يود تقديمها، ولكن النتيجة النهائية أقل بكثير من الأعمال السابقة، و لم تكن نهائياً في صالح المشاهد المقدر لسينما “جوردن بيل” و تعاني من الكثير من المشكلات التي باعدت بين المتعة الحقيقية بهذا العمل وتدبر واضح وسلس للرسائل والرمزيات التي يقدمها.


تدور أحداث فيلم Nope عن شقيان يديرا مزرعة الخيول الخاصة بوالدهما الذي توفي فجأة في ظروفٍ غامضة، ويكشتفا بعدها وجود جسم غريب يحوم في سماء البلدة التي يقطناها، مما يجعلهما يحاولا إستغلال الأمر لصالحهما والربح منه في الوقت الذي يحاول فيه أحد ملاك حديقةٍ ترفيهية الإستفادة من وجود الجسم الغريب لتحقيق مكاسب خاصة.


تكمن مشكلة فيلم Nope الرئيسية في إمتداد عنصر الغموض لفترةٍ زمنية طويلة من الأحداث ، وتسبب ذلك في عدم إدراك لحظي بأن سيناريو “جوردن بيل” يقدم تصاعداتٍ معينة في القصة نظراً لكثافة الغموض و صعوبة ربط طتفة التفاصيل ببعضها البعض، وليس هذا فحسب بل صاحب ذلك تأثيرٍ كبير علي القابلية الشخصية للفيلم ككل عند الوصول للحظات الأخيرة وفصل الختام منه الذي من خلاله ينكشف كل شئ وتحدث علي إثر بعض التحولات الخاصة بالشخصيات.


ذلك المط الملحوظ للغموض يتبعه ضياع الأفكار العامة التي نوي “جوردن بيل” التطرق إليها، بل ووصل الأمر إلي إدراكها حتي مؤخراً بعدما مضي الكثير والكثير من الوقت في تقديم الأحداث الغير مترابطة والمواقف الحوارية التي يصعب تتبعها وفهم ما ترمز إليه، من المواضيع التي تطرق إليها “بيل” هي ظاهرة التربح عبر وسائل التواصل الإجتماعي عن طريق نشر الكوارث التي تحدث من حولنا، وكذلك تناول فكرة الولع الشديد بالظواهر الغير طبيعية بما يجعلنا نقوم ببعض الأفعال بغرض إستغلال الأمور لصالح رغباتنا الشخصية، أفكار جيدة وواقعية بعض الشئ وإن كانت ليست مثيرة للاهتمام مقارنةً بما تم تقديمه في “Get Out” و “Us”، وآلية تقديمها لم تكن مناسبة علي الإطلاق كما تم الحديث عن السبب في الفقرة السابقة.


ولكن في المقابل يظل “بيل” لو بالقليل هذه المرة يعكس مظاهر تهميش السود حتي في صناعة الأفلام، ويؤكد بمشهدٍ صغير علي أن الفضل يعود إليهم في بدايتها القوية التي إزدهرت فيما بعد، وإن كان أيضاً لم تكن بالتوسع الكبير كما كان في أفلامه السابقة، وهنا يكمن السؤال الأخر : هل لا يوجد أية علاماتٍ إيجابية داخل العمل الذي قدمه “بيل” يعوض إخفاقات السيناريو الكبيرة تلك، الإجابة ببساطة تكمن في جودة العمل البصري والتصميم الجيد لكينونة الجسم الغريب وطبيعته الخارقة الحاصدة للأرواح، وفي أجواء الغرب الأمريكي الساحرة التي كانت مركزاً مناسباً للأحداث وخصوصاً في المواجهة الأخيرة.


كذلك الأمر بالنسبة للأداءات التمثيلية لكلاً من “دانيل كالاويا” الذي نضج كثيراً والفضل بعود ل”جوردن بيل” وثقته به، و “كيكي بالمر” المرحة التي إستطاعت أن تبرز إختلاف طباع شخصية “إيميرالد” المختلفة تماماً عن شقيقها “أو جي” الذي جسده “كالاويا”، وأيضاً “ستيفن يون” الذي برز في “هوليوود” مؤخراً عقب إنتهاء دوره في مسلسل “The Walking Dead”، مع الظهور الجيد ل”براندون بيريرا” في دور “أنخيل توريس” معاون “أو جي” و”إيمريالد” في مغامرتهما للتحري عن هذا الجسم الطائر في مساء بلدتهما.


في الختام ، يصنف فيلم Nope علي أنه أقل بكثير من أعمال “جوردن بيل” السابقة، وإبتعادٍ كبير عن طبيعة الأفكار التي قدمها من قبل ومكنته من حصد الأوسكار، والأفضل ل”بيل” أن يعود لنوعية الرعب النفسي الذي يستطيع من خلالها اللعب علي كثير من الأفكار المختلفة والجذابة كي يتحصل من خلالها علي الإشادة الكبري التي نالها منذ بداية عمله ب”هوليوود” بعيداً عن الكوميديا التي كان يقدمها من قبل في مسلسل “Key and Peele” حينما كان يقدم فيه دور البطولة.


مقال لاسامة سعيد نشر في موقع .behindzscene اكتوبر 2022

Comments

Popular posts from this blog

ماذا ينقص الخيال العلمي العربي ليصبح مرآة مستقبلية؟

ترجمة الفصل الثالث من رواية بوابة المالا نهاية ل مايك كاري