الفصل السابع من رواية عن النمل والديناصورات لتسيشين ليو

حرب الديناصورات والنمل الاولي


هطلت الأمطار طوال الليل ، ومع الفجر انقشعت الغيوم الثقيلة السوداء في صباح مشرق ومشمس. كانت السماء بلا سحب والهواء صافيا. وفي ضوء شروق الشمس ، بدت الأرض مشرقة ومميزة بوضوح، كما لو أن الطبيعة قد مهدت المسرح لمعركة ستقرر مصير الحضارة الطباشيرية.


جرت المعركة فوق السهل الواسع بين مدينة بولدر والقلعة العاجية ، حيث كان كلاهما مرئيا فقط في الأفق. شكل 2000 جندي من  الديناصورات  كتيبة تواجه قلعة العاج. اما بالنسبة للنمل ، فقد بدوا وكأن جدارًا قد ظهر حتي السماء. وعلى عكس المعارك السابقة ، التي خاضوها ضد بني نوعهم الحي، لم يكن جند الديناصورات يرتدوا دروعًا او يحملوا أسلحة. قيل لهم إن كل ما عليهم فعله هو السير  في تشكيل فوق مدينة النمل. وفي مواجهة الديناصورات ، حشد 10 ملايين نملة من قلعة العاج في أكثر من مائة لواء ، وكأنهم سجاد أسود اللون افترشت به الارض.


كسر الصمت ديناصور متمركز على رأس كتيبة الديناصورات. حيث كان اللواء إكستا ، وبصوت مثل صفير الرعد المفاجئ في الأفق. "أيتها الحشرات الصغيرة ، تبقى عشر دقائق فقط حتى انتهاء الموعد النهائي الذي حددته الإمبراطورية. كي تعودوا الان إلى قلعة العاج، وتدمروا كل معابدكم، ثم تعودوا إلى مدينة بولدر وتستأنفوا العمل ، يمكنني منحكم المزيد من الوقت. وإلا فإن الجيش الإمبراطوري سيبدأ هجومه ".


رفع ساقه اليمنى وأشار بغير مبالاة إلى قواته. "انظروا الي الألفي  جندي امامكم . إنهم يمثلوا أقل من واحد في الألف من القوة الإجمالية للجيش الإمبراطوري ، لكنهم قادرين على تسوية عاصمتكم. المدن التي يبنيها أطفالنا في صناديق الرمال أكبر من قلعتك العاجية. في الواقع ، يمكن لهؤلاء الأطفال إغراق مدينتكم بأكملها بمجرد التبول عليها! ها ها ها ها!"


غمر صمت مميت ساحة المعركة. وارتفعت شمس العصر الطباشيري بهدوء ، وسرعان ما مرت عشر دقائق.


دوي صوت الجنرال إكستا  "هجوم!"


بدأت الكتائب في التقدم. واهتزت الأرض تحت الخطوات الإيقاعية لألفي ديناصور ، مما خلق تعاريج من البرك خلفها المطر. ولم يتزحزح النمل

 

"ايتها الملكة لاسيني والمارشال دونليرا" زأر الجنرال إيكستا تجاه طوابير النمل المحتشدة ، "ليس لدي أي فكرة عن مكان وجودكم ، ولكن إن لم تأمري هذه المخلوقات بإفساح الطريق ، فسوف تسحقها أقدامنا فيصيروا عجينا! ها ها ها ها!'


وبينما كان يحدق في جيش النمل ، لاحظ تموجًا واضحًا يمر عبر صفوفهم. أطل عن كثب ورأى مشاة النمل قد أقاموا هياكل صغيرة لا حصر لها. بدت له وكأنها نصول اعشاب نبتت حديثًا من الأرض السوداء. حل بعض الشك في دماغه الضخم، لكنه لم يكن يكفي لايقافه ، وهكذا استمرت  كتيبة الديناصورات في المسير.


اجتاح جيش النمل تغيير أخر مفاجئ  . أصبحت البركة المستوية السوداء التي تغطي الأرض متكتلة فجأة وانفصلت إلى عدة كرات مصغرة. مذكرة الجنرال إيكستا  بالتحركات المدهشة لفيلق الكلمة لدي النمل ، وظن للحظة أن ال 10 ملايين نملة التي أمامه على وشك كتابة شيء ما. لكن  تجمع النمل لم يعيد تشكيل نفسه.


واصلت كتيبة الديناصورات تقدمها حتى كانت على بعد عشرة أمتار فقط من النمل. عندها فقط أدرك الجنرال إكستا أن نصول العشب تلك كانت في الواقع وابل من المجانيق المصغر ، مشدودة  أحباله ، وكل مقلاع منه  مليء بالنمل!


ظهر الآن أصوات طقطقات سريعة ناعمة ، كقطرات مطر تضرب سطح بحيرة ، حيث أطلقت 100000 قذيفة نمل في الهواء. كان الأمر كما لو أن سحابة من الذباب فزت محلقة  ، استعادت الأرض أمام  الجنرال إكستا لونها الترابي وحلقت في الهواء حشد من كرات صغيرة  فوق الصفوف الأولي القليلة للديناصورات ثم تفككت. وقد احتوت كل كرة على عشرات الجنود لينهمر مطر من النمل نحو الأرض.


كان الهواء كثيفًا مع سقوط الكثير من النمل لدرجة أن استحال تقريبًا على الديناصورات تجنب استنشاقهم من الأنف. حينها صفعوا بشكل محموم  رؤوسهم وأجسادهم ، وسقطت كتائبهم في حالة فوضى.


كسح بعض النمل ممن هبطوا على رأس الجنرال إكستا ، لكن البعض الآخر اختبأ من مخالبه العملاقة الباحثة عنهم ، وتغلغلوا في تجاعيد جلده الخشن. وحين تحركت مخالبه لتصفع جسده ، انزلق عدد من جند النمل نحو حافة جبينه باحثا عن عينه. والزحف عبر قمة رأسه العريض كان أشبه بالسير عبر هضبة ذات وديان. كانت الهضبة تتأرجح ذهابًا وإيابًا مثل الأرجوحة ، وكان على النمل التشبث بإحكام حتى لا يتم رميها. وعند وصلوهم للحافة ، أطلوا للأسفل وقوبلوا بمشهد خلاب.


تخيل للحظة أنك تقف على قمة قمة جبل تاي العظيم في الصين. الآن  تخيل أن هذا الجبل المقدس يتحرك: إنه يخطو عبر الأرض فوق زوجين من الاقدام الهائلة والأكثر رعباً ، حين ترفع رأسك ، ترى أنك محاط بألف جبل آخر وأن هذه الجبال تتحرك أيضًا!


حدد الجنود  مكان عين الديناصور اليمنى تحته. كانت العين ضخمة مثل بركة مستديرة تجمدت. وسطحها الشفاف منحنيًا قليلاً ،منحدرًا بحدة إلى الأسفل. شق ثلاثة من النمل طريقهم بحذر إلى الغشاء الزجاجي. كان هذا هو الجفن الثالث للديناصور - وهو غشاء واقي زلقًا مثل الجليد الذائب . مع أدنى خطأ سيجد النمل انفسهم ينزلقوا ليسقطوا  في الفراغ. بدأوا يقضموا الجليد الرطب بكماشاتهم القوية ، أثار هذا اهتياج العين وبدأت في إفراز الدموع ، التي اندفعت عبر البركة المتجمدة مثل فيضان مفاجئ ، مما أدى إلى طرد الثلاث نملات من الجفن.


فور ان فرك إكستا عينه ، قام ثلاثة نملات آخري بولوج أنفه. عبر عاصفة من الصراخ ، بخبرة شقوا طريقهم  عبر غابة متشابكة من شعر الأنف ، محاولين في تناسق تجنب اثارة العطس. تقدموا بسرعة عبر تجويف الأنف إلى مؤخرة مقلة العين ، متتبعين طريقًا مألوفًا من العمليات الجراحية التي لا تعد ولا تحصى. بعد العصب البصري الشفاف ، توجهوا نحو الدماغ. كان هنا وهناك أغشية  رقيقة تعوق طريقهم ، لكنهم  ببساطة مضغوا ثقوبا صغيرة ومروا عبرها محشورين. كانت هذه الثقوب صغيرة جدًا لدرجة أن الديناصور لم يشعر بأي شيء.


أخيرًا ، وصل النمل الثلاثة إلى الدماغ المعلق بسلام في بحر من السائل النخاعي كأنه كائن غامض و منعزل. بعد بحث دقيق ، وجدوا الشريان الدماغي السميك ، وهو خط أنابيب رئيسي يمد الدماغ بالدم. ومن خلال جدار الأنبوب الشفاف ، أمكنهم رؤية وسماع الدم الأحمر الداكن يمر في هدير منخفضة. كان دماغ  الجنرال إكستا يعمل  في جهد زائد، لمعالجة كميات مذهلة من معلومات ساحة المعركة المنقولة عبر  أعصابه البصرية والسمعية ، وكان سيل الدم هذا يغذيه بالطاقة والأكسجين اللازمين.


كان النمل الثلاثة من العاملين في جراحة الأعصاب وكان هذا مجالًا مألوفًا لهم. وقد تم إرسالهم إلى أماكن مثل هذه مرات لا حصر لها من قبل ، لاصلاح الأوعية الدموية الدماغية المسدودة وإنقاذ أعداد لا حصر لها من أرواح الديناصورات في هذه العملية. الآن فهم سييقومون بالعكس. بفكهم السفلي الحاد ، بدأوا في صنع ثلاث خدوش عميقة في جدار الشريان ، بحذر ومهارة. وحين تلاقت الشقوق لتشكل دائرة كاملة ، انسحب النمل بسرعة من الطريق الذي جاءوا منه. لم يكن لديهم أي رغبة في مشاهدة النتيجة النهائية. بصفتهم فنين جراحيًا مخضرمين ، فقد عرفوا بالضبط ما سيحدث. يدور الدم في الأوعية في ضغط مرتفع لذا سرعان ما ستخرج قطرات من الدماء من الشقوق الموجودة في جدار الشريان. كما لو خدشه قاطع زجاج، سيتمزق الجرح ويصبح الجزء الدائري الصغير من جدار الشريان مخلخلا ليخلق ثقبًا مستديرًا. كان الدم يتدفق من الثقب ، صانعا لولبا من اللون القرمزي سيتموج عبر سائل الدماغ ويصبغها باللون الأحمر. وحين يحرم  الدماغ من إمداد الدم ، يرتجف ويصير شاحبًا.

 

وسط فوضي ساحة المعركة، كان  الجنرال إكستا يصرخ بالأوامر ، في محاولة لإعادة جمع الديناصورات في تشكيل الهجوم. فجأة ، أظلم كل شيء أمام عينيه. وحين حل الضباب، بدأ كل ما يحيطه بالدوران. شعر النمل الثلاثة وهم يهرعوا عبر تجويف الأنف بانعدام الوزن ، تبعه ارتطام وارتجاف. انقلب العالم من حولهم متدحرجا عدة مرات ثم توقف. سقط الديناصور على الأرض. وتوقفت العاصفة في أنفه ، وصمتت دقات قلبه المنخفضة.التيراناصورس إكستا  ، الجنرال في الجيش الإمبراطوري ، قد قتل أثناء القتال بسبب نزيف في المخ.


سقطت الديناصورات الأخرى واحدًا تلو الآخر  في ساحة المعركة. بعضهم قتل  بنفس الطريقة التي قتل بها قائدهم ؛ والأكثر قد عانوا من تمزق قاتل في الشريان التاجي أو قطع للنخاع الشوكي. حيث تسلل النمل  داخل أعدائهم عبر آذانهم أو أنوفهم أو أفواههم ووقع أكثر من 300 ضحية. كانت الأرض مليئة بالأجسام العملاقة وصدى الهواء وعواء الديناصورات المحتضرة. الناجون ممن خافوا من هذا المشهد الكابوسي ، فروا خائفين من ساحة المعركة بسرعة فائقة. لم تكن سرعتهم في الفرار وكسر اعناقهم  هي سبب سقوط هؤلاء الفارين. فرغم هروبهم من المكان ، إلا أنهم لم يفلتوا من غزو خاطفي الأدمغة. واصل جنود النمل عملياتهم الداخلية حتى مع تراجع الديناصورات ، وكان طريق العودة إلى مدينة بولدر محاطًة بجثث ضخمة


بينما كان رفاقهم في قلعة العاج مشغولين  في صد هجوم الديناصورات، كانت ملايين اخري من النمل  تشن هجومًا عسكريًا كبيرًا على معقل عدوهم. ورغم إعلان الحرب ، استمرت مدينة بولدر في ادارة امورها كما لو لم يكن هناك شئ . ورغم ان فقدان خدمات النمل مثل  مصدر إزعاج كبير للديناصورات ، إلا أنه لم يكن مدمرًا علي اية حال، لم يكن جمهور الديناصورات  مهتما بوالصراع الجاري نفسه علي الاطلاق. وقد كانوا واثقين من قدرة جيشهم الإمبراطوري علي هزيمة تلك الحشرات  الصغيرة بأقل جهد ممكن - فبالتأكيد تكفي بعض الضربات والركلات ، كما اعتقدوا. وبدا مبالغة  لهم  حشد 2000 جندي من الديناصورات لمجرد سحق مدينة كألعاب الرمل تلك، لكنهم  برروا ذلك بأسلوب الإمبراطور في إظهار قوة الإمبراطورية.


هذا الصباح ، كانت مدينة بولدر تنبض بالحياة كما تفعل كل يوم. عند محطة النقل الواقعة عند البوابة الشرقية للمدينة ، كانت أكثر من ألف حافلة كبيرة الحجم تجوب الشوارع. لم تكن حضارة العصر الطباشيري قد بدأت بعد في استخراج النفط ، لذا عملت تلك الحافلات ، كما قطاراتهم، بمحركات بخارية ضخمة وثقيلة، تضخ  سحب بخار فوق أسطحها وهم  يتجولوا ، ليغلفوا الشوارع بالضباب من الصباح حتى الليل.


كانت حافلات مدينة بولدر لا تنقل اليوم زبائنها المعتادين من الديناصورات فقط ولكن أيضًا مجموعة إضافية من الركاب غير المصرح لهم. جنود من النمل متسللة ! كانت أسراب من هؤلاء العملاء السريين قد توغلوا على متنها أثناء الليل. حملت الحافلة رقم 1 ، التي كانت تخدم الشريان الرئيسي للمدينة ، أكبر مجموعة منهم - قسم كامل ، يضم أكثر من 10000 نملة. تم إخفاؤهم في أماكن مختلفة غير واضحة: تحت عتبات الأبواب ، داخل صندوق الأدوات ، متشبثين بالهيكل السفلي ، ومموهين داخل  قبو الفحم، في سيارة ضخمة كهذة ، كان إخفاء فرقة من الجيش الإمبراطوري الفورميكي أمرًا سهلاً.


بعد عشر دقائق من انطلاق الحافلة رقم 1 في الشارع المزدحم والمضطرب ، توقفت عند محطتها الأولى. في أعقاب عدد من  الركاب الديناصورات ، انفصلت مجموعة ذات 200 جندي نمل عن اسفل عتبة الباب ليسقطوا على الأرض. يحمل كل واحد حبة لغم في فمه. اندفعوا على الفور إلى صدع في الرصيف ، وأجسامهم السوداء الصغيرة غير مرئية على السطح الرطب ، وبدأوا في التعرج نحو وجهتهم. كانت الديناصورات وهي تدوس على طول الشارع المليء بالبخار غافلة عن وجودهم. ومن ناحية أخرى ، كان النمل مدركًا تمامًا للديناصورات. في كل مرة يمر فوقهم تيرانوصور ضخم ، يحول عالمهم إلى اللون الأسود ؛ كان هناك أيضًا خطر دائم من تعرضهم للسحق إن لمسوا رؤوسهم بين الشقوق.الا انه لم يكن هناك اي كارثة حاقت بهم، ليصلوا في النهاية  إلى مبنى شاسع لدرجة أن بابه الأمامي ينفتح على السحاب ، وطوابقها العليا  لا تري في السماء ، وتسللت قوات النمل من خلال فجوة أسفل الباب 


من وجهة نظر النمل  كل مباني الديناصورات شاهقة الارتفاع. ، وكل مبنى فعليًا في عالمه الخاص ، فلم يكن التواجد في الداخل بالنسبة لهم مختلفًا عن الوقوف خارجا في مكان مفتوح ، كان هذا المبني بالتحديد  عبارة عن مستودع - عالم كئيب شمسه الوحيدة عبارة عن نافذة صغيرة عالية الارتفاع تسمح بدخول القليل من الضوء. شق النمل طريقه فوق أرضيته الواسعة ، بين أكوام البضائع ، حتى وصل إلى صف من البراميل الخشبية الطويلة. كانت تحتوي على مادة الكيروسين التي تستخدمها الديناصورات للإضاءة. نظرًا لأن عالم الديناصورات لم يدخل العصر الكهربائي بعد ، فقد اعتمدوا على مصابيح الزيت لأجل الليل. بحث جنود النمل بعناية ، ووجدوا عدة بقع رطبة على الأرض حيث تتسرب البراميل قليلاً. أزالوا حبيبات الألغام من أفواههم وألصقوها بتلك البقع الزيتية. وسرعان ما تم وضع أكثر من مائة حبة من الألغام. صوب الجنود  مؤخراتهم تجاه  الألغام ، وبناءً على أمر الملازم الأول ، قاموا برش قطرة من حمض الفورميك على كل منها. بدأ الحمض يأكل ببطء  قشرة كل لغم، مما أدى إلى تنشيط فتيل الاشتعال. وحدد موعد التفجير بست ساعات ، في  الساعة الثانية ظهر هذا اليوم.


في تلك الأثناء،  وفي كل محطة تمر عليها 1000 حافلة تجوب مدينة بولدر ، ترجلت اليها فصائل خفية لقوات النمل ليتدفقوا في خفاء الي الشوارع  ، وبحلول منتصف النهار ،  كان مليون جندي من النمل ، يمثلون 100 فرقة من الجيش الإمبراطوري الفورميكي ،قد تسللوا  إلى كل ركن من أركان مدينة بولدر ليزرعوا حبيبات الألغام على كلالأسطح القابلة للاشتعال. ألقيت الملايين من الغام  الحبوب في المكاتب الحكومية والأسواق والمدارس والمكتبات والمباني السكنية، وكل واحدة منهم مقرر لها أن تشتعل في الساعة الثانية ظهر ذلك اليوم.


بعد ذلك بقليل خلال هذا الصباح ،و في القصر الإمبراطوري ، استيقظ إمبراطور سوريان  من نومه مع عودة عدة ضباط من محاولتهم الفاشلة ضد قلعة العاج. كان الإمبراطور مستيقظًا طوال الليل ، يشرب ويأكل بعض حكام قارة  لوراسيا ، فلم ينم حتى الساعات الأولى. وعندما سمع من الضباط أن الجنرال إكستا لم يكن فقط ميتًا بل نصف الجيش الإمبراطوري أفني  معه ،

كان رد فعله ويستمع  الي تلك الحكاية الخرافية. ان استولي عليه غضب لا يمكن السيطرة عليه وكان على وشك أن يأمر بمحاكمات عسكرية ، حينها حدث شيء أنار بصيرته تجاه التهديد الذي يمثله النمل.


حين نبهه  قائد حرس القصر وهو يقف قرب سرير الإمبراطور يرتجف ويصرخ منزعجًا ممسكا بقطعة قماش بين مخالبه.


زأر أوروس في وجهه "أيها الأحمق" ، "ماذا تفعل بغطاء وسادتي ؟"  ، كان يبدوا اليوم محاطًا   ب الحمقي والبلهاء ، ومال إلى إعدامهم جميعًا.


"يا جلالة الملك ، لقد اكتشفت هذا للتو. انظر ... "رفع القائد غطاء الوسادة أمام وجه أوروس. حيث تم مضغ خيوط وصنع ثقوب  صغيرة في القماش - كانت رسالة تركها جند النمل حين تسلل إلى غرفه أثناء نومه:


بامكاننا أخذ حياتك في أي وقت!


وبينا كان أوروس ينظر نحو ملاءة فراشه ، شعر بقشعريرة. لم يكن ذلك حديث الوسائد المعتاد عليه. نظر إلى الغرفة كما لو رأى شبحًا. انحنت باقي الديناصورات الأخرى تتفحص الأرض ، لكنها لم تجد أي أثر للنمل. كانت الكلمات على غطاء الوسادة  الدليل الوحيد الذي يمكنهم رؤيته.


وكان هناك المزيد ، ولم يكن للديناصورات القدرة علي رؤية ذلك. حيث وضع النمل ما يزيد عن 1000 حبة من الألغام في جميع أنحاء حجرة نوم الإمبراطور. كانت هناك كريات الصفراء ،  الغير مرئية للعين  الديناصورات متداخلة في ناموسية الفراش ، وتناثرت  ايضا حول أقدام الفراش ، والأريكة والأثاث الخشبي الفخم ، وتم حشرها بين أكوام الوثائق الجبلية. كان حمض الفورميك يأكل ببطء أغلفة تلك الأجهزة الحارقة ، ومثل مليون لغم اخري تم زرعها في جميع أنحاء مدينة بولدر ، ضبط وقت اشتعالها على الساعة الثانية.


انتصب وزير الحرب الصورياني قائما وحدث الإمبراطور. "جلالة الملك ، كما حذرتك منذ فترة ، فرغم ان الحجم هو اساس القوة في  الحروب بين الانواع المختلفة ، الا انه في حالة النمل صغر الحجم له ايضا مزاياه ولا يمكننا الاستخفاف بهم.

تنهد أوروس. سأل "إذن ما هي خطوتنا التالية؟"


"اطمئن يا جلالة الملك. نحن على استعداد لذلك. أعدك أن الجيش الإمبراطوري قبل نهاية اليوم سوف يسوي قلعة العاج بالأرض 


بعد ثلاث ساعات من هجومهم الأول الفاشل ، شن الجيش الإمبراطوري للديناصورات هجومًا ثانيًا على قلعة العاج. أرسلوا نفس العدد من القوات - 2000 ديناصور - وتقدموا نحوها في نفس تشكيلة الكتائب ، لكن تلك المرة ارتدى كل ديناصور خوذة معدنية ضخمة على رأسه.


ردت قوات النمل المدافعة عن قلعة العاج بنفس التكتيكات التي استخدموها في وقت سابق. وباستخدام المقلاع فورميكاني ، أطلقوا مرة أخرى في الهواء  مئات الآلاف من النمل فوق كتيبة الديناصورات ، مما أدى إلى هطول أمطار غزيرة من النمل تمطر عليهم من السماء. لكن هذه المرة ،اعيق جنود النمل من الدخول إلى أجسام أعدائهم. كانت الخوذات المعدنية للديناصورات ملائمة لهم بشكل مريح للغاية. تم صنع الأقنعة من قطعة واحدة صلبة من الزجاج ، وكانت فتحات التهوية مغطاة بشبكة فولاذية دقيقة للغاية ، وكانت الوصلات غير ملحومة ، والخوذات نفسها مثبتة بإحكام عند الرقبة بسلك. كانوا منيعين: درع مناسب مضاد للنمل.


حين هبطت المارشال دونليرا على رأس ديناصور ، لاحظت في ندم خوذته تحت قدميها. قبل شهرين ، ساعد حرفيوا النمل في تصنيع هذه الخوذ بالذات. حيث نسجوا شبكتها الفولاذية الدقيقة التي كانت تغطي فتحات التهوية. وادعت شركة الديناصورات المصنعة  في ذلك الوقت أن الخوذات مخصصة لمربي نحل. وبدي أن الإمبراطورية الصورية كانت تستعد سرًا للحرب لفترة طويلة.


بعد فشل تكتيك النمل ، لجأ الجيش الإمبراطوري الفورميكي إلى استخدام الأقواس والسهام لعرقلة الديناصورات في خط الدفاع الثاني. أطلق 1.5 مليون نمل سهامهم في وقت واحد. انطلقت سحابة من الأسلحة الجوية نحو الديناصورات مثل الرمل الذي أثارته عاصفة من الرياح ، لكن الأسهم كانت شديدة الرقة لدرجة أنها لا تسبب حتى أدنى ضرر للجنود الجبليين. حيث ارتدت من فوق جلدهم المتقشر ليتراكموا على الأرض حول أقدامهم.


مضت الديناصورات في طريقها المميت فوق كتل النمل ، تاركة وراءها آثار أقدام قاتلة. يملأ موطء قدمهم آلاف النمل المسحوق  ، اما الذين هربوا فلم يكن بإمكانهم سوى التحديق  من أسفل بلا حول ولا قوة  حيث حجبت اجساد اعدائهم العملاقة السماء مندفعة  نحو مدينتهم


بمجرد أن وصلوا إلى مدينة النمل العملاقة ، بدأت الديناصورات في غرس بقوة أكبر والركل بعنف أكثر. لم تكن معظم المباني في قلعة العاج أعلى من ماشية الديناصورات ، وتم سحق كتل سكنية كاملة تحت أقدامهم.


كان لدي المارشال دونليرا رؤية جيدة لما يحدث من دمار

، بالنسبة لها والعدد من جنود النمل الآخرين كانوا لا يزالون يندفعون ذهابًا وإيابًا فوق خوذة التيرانوصور ، في محاولة يائسة لإيجاد طريقا للدخول. ومن موقعهم المرتفع  نظروا إلى الأسفل ، ماسحين بأعينهم مدينتهم المدمرة والحرائق التي اندلعت بها. كانت هذه منظور رؤية  الديناصورات  لقلعة العاج ويا لها من تجربة واقعية: بالنسبة لدونيرا وجنودها ، بدي نوعهم الحي  صغيرا بشكل مذهل وغير مهم.


مشى الديناصور إلى برج التجارة الإمبراطوري. ذو الارتفاع الثلاثة أمتار ، كانت هذه أطول ناطحة سحاب في إمبراطورية فورميكان وذروة  عمارة النمل ، لكن ارتفاعها وصل فقط إلى فخذ الوحش. نزل الديناصور علي قدمه ليؤدي فقدان الارتفاع  المفاجئ للنمل بلحظة انعدام الوزن  - ثم ظهر الجزء العلوي من البرج فوق أفق خوذته. فحص الديناصور الرابض البرج لبضع ثوان ، ثم أمسك بمخالبه قاعدته وانتزعها من الأرض. ليقف ويتفحص البرج بفضول ، كما لو كان قد وجد لعبة مسلية. حدق النمل على رأس الديناصور نحو البرج أيضًا. انعكست السماء الزرقاء والسحب البيضاء على سطحها الأزرق الداكن الأملس ، ونوافذها الزجاجية التي لا حصر لها تتلألأ في ضوء الشمس. ما زالوا يتذكرون كيف أنهم ، في أول يوم لهم في المدرسة ، تابعوا معلمهم إلى أعلى البرج للحصول على مشهد بانورامي لمدينتهم...


حين قلب التيرانوصور البرج بين  مخالبه ، تحطم  فجأة إلى قسمين.  فسب وطوح بهم بعيدا، قطعة وراء الاخري ،  ليطيروا  في الهواء ويسقطوا بين مجموعة مباني بعيدة، فتحطمت عند الاصطدام وهدمت عدة منازل ومكاتب أخرى


استغرق الأمر دقائق فقط كي يهرس 2000 ديناصور (الذين كانوا ضخمًا للغاية لدرجة أن مدينة قلعة العاج لم تضمهم جميعا في نفس الوقت) عاصمة فورميكان  وتتجول إلى كومة من الأنقاض الدقيقة. مع انقشاع سحب الغبار الأصفر من فوق المدينة المدمرة ، بدأ جنود الديناصورات يهتفون. لكن قطعت صرخاتهم المنتصرة حين استداروا لينظروا  تجاه مدينتهم بولدر 


كانت أعمدة الدخان الأسود تتصاعد من عاصمة الإمبراطورية الصورية.


*


كان أوروس وحرسه الإمبراطوري متجمعين حوله يتحركوا متثاقلين  خارج القصر من بين الدخان المتصاعد ، ليصطدموا وجهاً لوجه بوزير الداخلية المصاب بالذعر.


صرخ الوزير: "أمر مروع يا جلالة الملك - المدينة كلها تحترق!"


"ماذا حدث لفرقة الإطفاء التي لديك؟ استدعهم للمساعدة"


"الحرائق تندلع في جميع أنحاء المدينة. أستدعي اللواء بأكمله ، لكنهم مشغولون تمامًا بالتعامل مع حرائق القصر ".


"من الذي أشعل الحرائق؟ النمل؟'


'ومن غيرهم؟ لقد تسلل أكثر من مليون منهم إلى المدينة هذا الصباح.


"تلك الحشرات  اللعينة ، كيف قاموا حتى بإشعال النيران؟


"بتلك ، جلالة الملك ..." فتح الوزير حزمة من الورق وأشار إلى الإمبراطور ليتمعنها


حدق أوروس طويلًا وبقوة في العلبة لكنه لم ير شيئًا حتى اعطاه الوزير عدسة مكبرة. ومن خلال العدسة ، أمكنهرؤية  العديد من حبوب الالغام


"لقد صادرها ضباط دوريات البلدية  هذا الصباح".


"ما هذا - خراء نمل؟"


"ليتها كذلك يا جلالة الملك. لا ، إنه نوع من الأجهزة الحارقة المصغرة. زرع النمل أكثر من مليون منهم في جميع أنحاء المدينة ، وأشعل خمسهم على الأقل الحرائق التي انتشرت الآن. طبقا لحساباتي ، مما يعني أنه يوجد حاليًا 20000 حريق في المدينة. حتى لو استدعينا فرق الإطفاء من جميع أنحاء الإمبراطورية ، فإن إخماد حريق  مثل هذا على مستوى المدينة سيكون مستحيلًا تمامًا ".


حدق أوروس  في فقدان حس وكأبة الي الدخان الأسود في السماء ، عاجز على الكلام.


قال وزير الداخلية بهدوء: "جلالة الملك ، ليس لدينا خيار ، يجب أن نهجر المدينة".


بحلول الليل ، كانت مدينة بولدر بحر من النيران.  تصبغ سماء الليل بوهج أحمر، مما أدى إلى بزوغ فجر كاذب في السهول الوسطى للقارة. كانت الطرق خارج المدينة مكتظة بالديناصورات الهاربة ومركباتها الهائلة ، وانعكس الخوف والنار في كل زوج من العيون.


وقف الإمبراطور أوروس والعديد من وزرائه على تل منخفض وحدقوا في المدينة المحترقة لفترة طويلة.


"اطلب من جميع القوات البرية في جوندوانا مهاجمة وتدمير كل مدن النمل في القارة - على الفور! أرسل السفن الشراعية السريعة إلى القارات الأخرى وتأكد من أن كل قوة برية صورية في العالم ستقوم بنفس الإجراء. سنوجه ضربة قاتلة إلى عالم النمل."


وبتلك الطريقة ، انفجر الصراع بين النمل والديناصورات. سرعان ما اندلعت نيران الحرب في جميع أنحاء جندوانا ، وقبل انتهاء الشهر كانت تتأجج في كل القارات الأخرى أيضًا. اجتاحت حرب عالمية الكوكب بأسره. نشبت معاناة رهيبة في كلتا الحضارتين. التهمت النيران مدن الديناصورات واحدة تلو الأخرى ، وتحولت مدن النمل إلى أكوام من الغبار.


كما أشعل النمل النار في مساحات كبيرة من الاراضي العشبية والزراعية والغابات. لقد زرعوا في مساحات شاسعة ملايين وملايين حبوب الألغام وكان من المستحيل إخماد الجحيم الناتج. اندلعت حرائق الغابات في كل اليابسة ؛ حرقت البساتين والمراعي والغابات ؛ وطمس الدخان الشمس. فلم ينفذ سوي  القليل من ضوئها إلى الأرض وانخفضت غلة المحاصيل بشكل حاد ، مما دفع الديناصورات ، التي تحتاج الي  كميات هائلة من الطعام ، إلى المجاعة. وكانت كارثة بيئية.


وفي نفس الوقت ، قادت فرق النمل غارات ساحقة ضد الديناصورات من جميع الجهات. كان تكتيكهم المفضل هو شن هجماتهم من الداخل ، الأمر الذي أرعب الديناصورات. لتعتاد الديناصورات على ارتداء الأقنعة في جميع الأوقات ، ولا تتجرأ على إزالتها حتى أثناء النوم ، حيث يمكن للنمل الصغير أن يدخل ويخرج من أكثر الأماكن الخاصة بهم 


ومع ذلك ، لم يفلت عالم النمل من الأذى. تعرضت حضارة النمل لضربات شديدة من الديناصورات. ودمرت كل مدن النمل تقريبًا ، واضطر النمل إلى التراجع تحت الأرض. لكنهم لم يكونوا آمنين حتى هناك ، لأن قواعدهم الجوفية غالبًا ما اكتشفتها الديناصورات ثم دمرت. استخدمت الديناصورات بكثافة الأسلحة الكيميائية وزرعت سمًا غير ضار بجنس الديناصورات ولكنه قاتل للنمل في كل مكان. لم يقتل هذا عددًا لا يحصى من النمل فحسب ، بل أدى إلى تقييد نطاق أنشطتهم بشكل حاد. وجدت مستعمرات النمل الفردية صعوبة أكثر فأكثر في الحفاظ على الاتصال بأجزاء أخرى من إمبراطورية فورميكان ؛ لأنهم كانوا يفتقرون إلى مواصلات للمسافات البعيدة تخصهم ، حيث اعتمدوا في السابق على وسائل نقل الديناصورات ، وهذا الخيار لم يعد متاحًا. فأصبح الاتصال صعبًا بشكل متزايد ، وأصبحت مناطق من عالم النمل معزولة ، وتفتت الإمبراطورية الفورميكية.


لم يكن هذا كل شيء. كانت لا تزال هناك عواقب أكثر خطورة. ولأن تحالف الديناصورات والنمل كان حجر الأساس الذي بُنيت عليه الحضارة الطباشيرية ، فقد كان لانهيار ذلك التحالف تأثير ضار على الهياكل المجتمعية في كلا العالمين. توقف التقدم الاجتماعي وكانت هناك علامات واضحة على التخلف الحضاري. وصار بقاء الحضارة الطباشيريّة علي المحك


*


بذل كل من النمل والديناصورات  قصارى جهدهم للجهود الحربية العالمية ، إلا أن أيًا من الجانبين لم يكن قادرًا على تحقيق السيادة المطلقة في ساحة المعركة ، وتحول القتال إلى حرب استنزاف طويلة. في نهاية المطاف ، أدركت القيادات العليا لكلتا الإمبراطوريتين حقيقة الوضع: انهم يخوضوا حربًا لا يمكن كسبها ، حرب ستكون نتيجتها النهائية تدمير الحضارة الطباشيرية العظيمة. في السنة الخامسة من الصراع ، بدأ الطرفان المتحاربان مفاوضات الهدنة ، وكان اجتماع تاريخيا ومحوريا  بين إمبراطور الإمبراطورية الصورية وملكة الإمبراطورية الفورميكية.


عُقد الاجتماع في أنقاض مدينة بولدر ، في الموقع السابق للقصر الإمبراطوري ، حيث انعقدت القمة المصيرية التي أشعلت الحرب قبل خمس سنوات. وكل ما تبقى من ذلك  الآن المقعد الإمبراطوري الضخم وخليط من الجدران المحطمة المليئة بالنيران.و من خلال الشقوق ، كانت الهياكل العظمية الملطخة بالدخان للمباني الأخرى مرئية من بعيد: كانت المدينة المستباحة تغوص داخل الارض ، واستعمرت انقاضها الحجرية غابة من الأعشاب الخضراء المورقة وتعاريش اللبلاب الزاحف ، حيث ستبتعلها الغابة الزاحفة  قريبًا تمامًا.


عندما اختفت الشمس وظهرت من بين ضباب ناجم عن حريق غابة بعيدة ، انطلقت أنماط من الضوء والظل عبر جدران القصر القديم. أطل أوروس على ملكة النمل من قدميه. "لا أستطيع أن اتبينك تمامًا ،" قالها بصوت عالٍ ، "لكن لدي شعور بأنك لست الملكة لاسيني".


'انها ميتة. نحن النمل نعيش حياة قصيرة. قالت الملكة الجديدة لإمبراطورية فورميكان ، أنا لاسيني الثانية . وفي تلك  المناسبة ، أحضرت معها 10000 جندي من فيلق الكلمات فقط ، وكان على أوروس أن ينحني لقراءة ردها.


وقال "أعتقد أن الوقت قد حان لوضع حد لهذه الحرب".


أجابت لاسيني الثانية "أوافق".


قال أوروس: "إذا استمرت الحرب ، سيعود النمل الي كشط اللحم من فوق عظام جثث الحيوانات وجر الخنافس الميتة إلى مخابئكم الصغيرة".


أجابت لاسيني الثانية: "إذا استمرت الحرب ، فستعود الديناصورات إلى الهيام جوعا في الغابات وتمزيق نوعك الحي من اجل اللحم".


وتساءل أوروس: "حسنًا ، هل لدي جلالة الملكة اقتراح محدد حول كيفية إنهاء هذه الحرب؟" ربما يجب أن نبدأ بالسبب الذي جعلنا ندخل في الحرب في المقام الأول. هناك الكثير ممن نسوا الأسباب والأماكن - الديناصورات والنمل على حد سواء.


أتذكر أن الأمر يتعلق بشكل الرب. على وجه التحديد: هل يشبه الرب نملة أم ديناصور؟


تنحنح أوروس بصوت حلقه. "يسعدني أن أخبرك ملكة لاسيني ، أنه على مدى السنوات القليلة الماضية ، كرّس أكثر علماء الإمبراطورية الصورية أنفسهم لهذا السؤال. لقد وصلوا الآن إلى نتيجة جديدة ، وهي ان الرب لا يشبه نملة ولا ديناصور. بالأحرى ، الرب يخلوا من الشكل ، مثل هبوب ريح أو شعاع من نور أو هواء يلف هذا العالم. الرب يتجلي في كل حبة رمل ، وكل قطرة ماء.


جاء إجابة الملكة الفورميكية بسرعة وبشكل لا لبس فيه. قالت: "نحن النمل لا نمتلك عقولًا معقدة مثل الديناصورات ، وهذا النوع من الفلسفة العميقة يمثل تحديًا لنا. لكنني أتفق مع هذا الاستنتاج. يخبرني حدسي أن الرب حقًا لا شكل له. ويجب أن تعلم أن عالم النمل قد حرم عبادة الأصنام ".


"لقد حرمت الإمبراطورية الصورية أيضًا عبادة الأصنام". ولم يعد بإمكان أوروس إخفاء ارتياحه. تشقق وجهه في ابتسامة عريضة ذات أسنان متعرجة. "في هذه الحالة ، جلالة الملك ، هل لي أن أستنتج أن النمل والديناصورات تشترك في عبادة نفس  الإله؟"


"إذا كنت ترغب ، جلالة الملك".


وهكذا انتهت حرب الديناصورات والنمل الأولى. كانت حرب بلا منتصر. حقق تحالف الديناصورات والنمل انتعاشًا سريعًا. بدأت المدن الجديدة في الظهور فوق أنقاض الحضارة القديمة والطباشيرية ، بعد فترة طويلة من التأرجح على حافة الانهيار ، ولدت من جديد.


Comments

Popular posts from this blog

ماذا ينقص الخيال العلمي العربي ليصبح مرآة مستقبلية؟

ترجمة الفصل الثالث من رواية بوابة المالا نهاية ل مايك كاري