ترجمة الفصل الرابع من رواية عن النمل والديناصورات ل تسيشن ليو

الفصل الرابع 

ألواح الكتابة 


ألواح الكتابة أمر حيوي لعالم الديناصورات مثل الورق الذي نكتب عليه. فهناك نوع ثابت ونوع يمكن التنقل به . ويُطلق عليها أيضًا اسم "تلال الكلمات" أو "أحجار الكلمات" ، وهي أقراص ثابتة (ويمكن ان نطلق عليها أيضًا مصطلح "الادوات المكتبية للديناصورات") ،  وهي تلال ذات منحدرات متساوية نسبيًا أو ذات وجوه مستوية أو صخور ضخمة ذات أسطح ملساء ، وينحت عليها  الديناصورات كلمات ذات حجم هائل. يمكن تصنيع الأقراص القابلة للنقل من مواد مختلفة ، لكن الخشب والحجر والجلد الأكثر شيوعًا  . حيث لم تستخدم الديناصورات المعدن بعد ، ناهيك عن المناشير ، ولم تتمكن من صنع الألواح الخشبية. بدلاً من ذلك ، واستخدموا الفؤوس الحجرية لشق جذوع الأشجار بالطول إلى نصفين، ثم يقوموا بنحت الأحرف في المقطع العرضي بها . أما ألواحهم الحجرية فعبارة عن ألواح مسطحة ذات واجهات ناعمة بما يكفي للنقش عليها ؛ وتأتي  في جميع الأشكال والأحجام ، ولكن أصغرها كان على الأقل بحجم  طاولة السفرة. صُنعت الأقراص الجلدية من جلود الحيوانات أو السحالي ، ورُسمت عليها الشخصيات بطلاء نباتي أو معدني ؛ ويتطلب غالبًا للوح كتابة واحد دمج العديد من  الجلود معا 


بسبب أصابع الديناصورات السميكة والخرقاء كان مستحيلا عليهم الإمساك بأدوات صغيرة لأجل النحت أو الكتابة ، وافتقروا إلى البراعة اللازمة لتكوين أحرف صغيرة. ونتيجة لذلك ، كانت الحروف التي يكتبوها كبيرة جدًا: وأصغر ما يمكنهم نقشه كان لا يزال بحجم كرة القدم. كان ذلك يعني أن ألواح كتابتهم كانت بالضرورة ضخمة وغير عملية ، وحتى في ذلك الحين ، ولم يكن من الممكن استيعاب سوى عدد قليل من الأحرف في كل منها.


كان عادةً يتم الاحتفاظ  بها  بشكل جماعي من قبل قبيلة أو مستوطنة ديناصورات لتستخدم في حفظ سجلات بسيطة عن الممتلكات الجماعية واعضائها  وناتجها الاقتصادي والمواليد والوفيات. فقبيلة من 1000 ديناصور تحتاج  إلى عشرين أو ثلاثين شجرة كبيرة لتسجيل أعضائها ، وقد تتطلب تسجيل دقائق من اجتماع واحد أكثر من مائة لوح جلدي. ونتيجة لذلك ، سبب تصنيع ألواح الكتابة ضغطًا كبيرًا على موارد الديناصورات ، علاوة على ذلك ، عند تنقل القبائل أو المستوطنات - وهو حدث متكرر خلال عصر الصيد- كان نقل مكتبات ألواح الكتابة يمثل عبئًا أكبر، على الرغم من أن مجتمع الديناصورات كان يمتلك لغة كتابة منذ  1000 عام ، إلا أن تطوره الثقافي كان بطيئًا بشكل مؤلم وكاد أن يتوقف في القرون الأخيرة. وظلت نصوصهم فظة للغاية. وكان لديهم أرقام أحادية بسيطة وحفنة من الرموز التصويرية، فتخلفت كثيرًا عن تطور لغتهم المنطوقة. أصبح النشوء البطيء للكتابة أكبر عقبة أمام التقدم العلمي والثقافي في عالم الديناصورات ، وهذا ما جعل مجتمع الديناصورات في حالة بدائية لفترة طويلة. كان ذلك مثالًا يوضح كيف للأيدي ذات الشكل الردئ لنوع حي ان تعيق تطوره.


كان الديناصور كوندا أحد كتبة مدينة بولدر  ممن يبلغهم عددهم مأئة كاتب أو اكثر . ، وكان الكاتب في عالم الديناصورات  مهنة تقع  بين مهنة عامل الآلة الكاتبة و عامل ألة الطباعة في عصرنا الحديث. كان الكتبة هم المسؤولون عن نسخ الألواح باليد. وفي ذلك اليوم ، كان كوندا وعشرون كاتبًا آخر يعملون أمام جبل من الألواح ، يصنعون نسخة من سجل سكان مدينة بولدر لحفظها. تم تسجيل معظم السجل الأصلي على أقراص خشبية. وتكديس المئات من جذوع الأشجار المقسومة في أكوام بارتفاع التل ، مما أعطي مكان عمله مظهر إحدى ساحات الأخشاب في زماننا .


كان كوندا ينسخ الصور التوضيحية من لوح خشبي طوله عشرة أمتار  على لوحين جديدين أقصر ، بسكين حجري حاد يقبضه بمخلبه الأيسر وبمينه مطرقة حجرية عملاقة . وقد ظل في هذا العمل الممل والمرهق لأيام وأيام ، ولا يبدو جبل الجذوع الذي  أمامه انه سيصير أصغر. رمي سكينه  الحجري والمطرقة ، فاركا  عينيه المرهقتين ، وانحنى على كومة الألواح متنفسا بعمق ، وهو يشعر بالإحباط الشديد من حياته المملة.


وفي تلك اللحظة ، سار سرب من 1000 نمل أمامه على الأرض - في طريق عودتهم من عملية جراحية ، كما افترض كوندا. استحوذه إلهام مفاجئ. ليوقف ،ويلتقط شريطين جافين من سحلية متوهجة متشنجة ملوحا بها نحوهم. سميت السحالي المضيئة بهذا الاسم لأنها تبث  ضوء الفلورسنت في الليل ، وكان لحمها المفضل لدى النمل. لا عجب إذن أن غير  سرب النمل اتجاهه  على الفور وانحرف نحوه.


أشار كوندا نحو اللوح الذي كان ينسخ منه ، ثم إلى اللوح الأخر حيث كان يعمل عليه - حيث نفش عليه حتى الآن  وبعزيمة واهنة حرفين ونصف فقط - ثم إلى النمل. أدرك النمل مقصده علي الفور . فاندفعوا إلى الوجه الأبيض الناعم للوح الممتلء جزئيًا وبدأوا في نحت الأحرف المتبقية في الخشب بفكهم السفلي. وفي غضون ذلك ، ابتعد كوندا عن كومة الألواح ، شاعرا بالاعتداد بالنفس ، سيأخذ  النمل وقتًا أطول بكثير لإنهاء المهمة عما كان سيفعله ، لكن صبرهم ومثابرتهم اكبر  بما لا يقاس عن صبر أي مخلوق آخر وسوف ينجزونها في النهاية. واثناء ذلك ، يمكنه الاسترخاء خلال نوبة عمله .


بينما هو غاف. رأى نفسه في حلم على رأس جيش عظيم قوامه أكثر من مليون نملة ، يحث قواته بحماس . اجتاح الجيش مئات الألواح الفارغة في طوفان اسود جعل كل واحد منها مظلما. سرعان ما انسحب المد ، ليكشف عن مجموعة كبيرة من الألواح صارت تحمل أسطحها البيضاء الآن خطوطًا أنيقة من الحروف المنظمة المنحوتة فيها.


ايقظت سلسلة من الوخزات الخفيفة  في أسفل ساق كوندا من نومه وحين رفع رأسه رأى  العديد من النمل يقضم كاحله الأيسر. كانت تلك طريقتهم المعتادة في جذب انتباه الديناصورات. وحين ادرك النمل أنه صار مستيقظًا ، أشاروا بقرون استشعارهم نحو اللوح الكتابي  كإشارة إلى انجازهم للمهمة. نظر كوندا إلى الشمس وأدرك أن وقت قليل قد مر. فنظر إلى اللوح ليفقد أعصابه على الفور. أكمل النمل الحرف نصف المكتوب بحجمه تماما ، لكن باقي الحروف الأخرى التي قاموا بنحتها كانت أصغر بعدة مرات. بدا الأمر سخيفًا - مثل ذيل صغير يتبع الأحرف الثلاثة الكبيرة. مثل هذا العمل الرديء لم يكن غير لائق فحسب ، بل أتلف لوحا كاملاً.


كان كوندا يشعر دوما أن النمل كائنات مرتزقة صغيرة وماكرة ، والآن صار لديه دليل علي ذلك. رفع المكنسة لإنزال العقوبة التي يستحقونها. ولكن حين صار على وشك الضرب ، ألقى نظرة أخرى على لوحهم الخشبي فجأة تجلي في ذهنة ألهام . كانت الحروف التي نحتها النمل صغيرة لكن  واضحة تمامًا لعيون الديناصورات. وسبب كون الاحرف كبيرة جدًا عادة ليس لأجل سهولة القراءة ولكن لعدم براعة  الديناصورات الكافية لتدوين أي شيء أصغر. وخطر له أن النمل -والذي كان يرجف قرون استشعارهم تجاهه بشكل محموم - ربما محاولة لشرح ذلك له.


اتسع فمه العابس على وجهه فصارت ابتسامة واسقط المكنسة. ثم وضع أحد شرائط السحلية المتوهجة في منتصف تجمع النمل ولوح بالشريط الآخر في تشويق. وهو جالس أمام اللوح الكتابي ، مشيرا الي الأحرف الثلاثة الكبيرة وخط الحروف الصغيرة محاولا إيصال فكرته. استغرق الأمر بعض الوقت ليدرك النمل قصده، لكنهم في النهاية هزوا قرون استشعارهم في تأكيد قاطع: نعم ، يمكنهم نحت حروف أصغر حجمًا. على الفور ، تدفقوا على الجزء الفارغ من الجهاز اللوحي وشرعوا في العمل. وسرعان ما قاموا بنحت سطر مكون من أحرف أصغر حجمًا ،  بحجم أحرف عنوان  غلاف هذا الكتاب. ونظرًا لكون النمل أميًا ، فكان ببساطة يعيد إنتاج أشكال الحروف.


كافأهم كوندا بالشريط المتبقي من السحلية. ثم قام بقطع جزءا من اللوح المنحوت بالأحرف الأصغر ، ووضعه تحت ذراعه متجها بفرح لرؤية حاكم المدينة.


بسبب مكانة كوندا المتدنية ، أوقفه الحراس على درجات القصر الحجري الضخم حيث مكتب المحافظ. والحراس عادة ديناصورات اقوياء البنية ، رفع كوندا سريعا جزء اللوح ليروه. فتمعنوا فيه ، وفي غضون لحظات ، تحولت تعبيراتهم من المفاجأة إلى رهبة. كان الأمر كما لو كانوا في حضرة أثر مقدس. أعادوا نظرهم إلى كوندا ، محدقين نحوه في اندهاش لفترة طويلة ، كما لو كان حكيمًا عظيمًا ، ثم سمحوا له بالمرور.


سأل المحافظ حين رأى كوندا: "ما الذي احضرته معك - عود أسنان؟"


"كلا سيدي ، انه لوح كتابي 


'لوح كتابي ؟ هل أنت أحمق؟ لا يمكنك وضع نصف حرف على تلك القطعة الخشبية التافة ".


"انه من الصعب تصديق ذلك ، أنا أفهم ذلك سيدي ، ولكن في الواقع  هناك أكثر من ثلاثين حرفًا على  قطعة الخشب التافة تلك ."  سلمها كوندا اليه.


حدق المحافظ في اللوح بنفس اندهاش الحراس. بعد فترة طويلة نظر إلى كوندا. "لا أفترض أنك نحت هذا بنفسك؟"


"بالطبع لا يا سيدي. مجموعة  من النمل قامت  بذلك.


اجتمع مسؤلي البلدية في مدينة بولدر وتم تمرير اللوح  من المخالب إلى أخر ،مثل ما نتبادل تمثالًا عاجيًا من فرط اعجابنا به ، تشكل تلك الديناصورات الطبقة الحاكمة في المدينة وقد بدأوا الآن في مناقشة محتدمة.


"تلك  الأحرف الصغيرة ...أمر لا يصدق"


... "ومقروءًا تمامًا أيضًا."


"على مدى آلاف السنين ، حاول الكثير من أسلافنا الكتابة بهذه الطريقة ، ولكن دون جدوى."


"تلك الحشرات الصغيرة جدًا لقادرة حقًا".


"كان يجب أن نعلم أنهم سيكونون نافعين لما هو أكثر من الرعاية الطبية."


"فكر فقط في كم الموارد التي سنوفرها ..."


"... ومدى سهولة نقل الواحنا الكتابية ، كما تعلم ، قد أتمكن من حمل السجل الكامل لسكان المدينة بنفسي! لم يعد هناك حاجة لتوظيف مائة ديناصور لنقلها  بعد الآن.


"وهذه مجرد البداية ،يمكننا التفكير الأن في تغيير الخامات المستخدمة في تلك الألواح ايضا"


'الى حد كبير، حيث ستظهر ميزة استخدام جذوع الأشجار ، بالنسبة لحروف بهذا الحجم الصغير ، سيكون اللحاء بالتأكيد أخف وزنا وأكثر قابلية للحمل. "


'تماما. وأرخص كثيرًا أيضًا. يمكن أيضًا استخدام جلود السحالي الصغيرة.


اشاح المحافظ بيده مقاطعا ثرثرتهم . "حسنا اذن ، من الآن فصاعدًا ، سيكون النمل كتابنا. سنبدأ سنجمع قوات للكتابة من مليون نملة أو أكثر . دعونا نرى ... "دارت عينه حول الغرفة لتسقط أخيرًا على كوندا. "ستقود انت هذه الحملة".


وبهذا حقق كوندا حلمه ، وأنقذت مدينة بولدر ، جنبًا إلى جنب مع بقية عالم الديناصورات ، قدرًا كبيرًا من الخشب والحجر وكمية هائلة من الجلود. ولكن مقارنة بالأهمية الحقيقية لهذا الحدث في تاريخ الحضارة الطباشيرية ، كانت تلك المدخرات تافهة.



ساهم قدوم (الطباعة بواسطة النمل) في القدرة علي نسخ كميات كبيرة من المعلومات ، وفي نفس الوقت تطورت اللغة الكتابية للديناصورات وصارت أكثر ثراءً وأكثر تطوراً. أخيرًا ، يمكن تسجيل الابجدية من واقع تجربة ومعرفة الديناصورات بشكل كامل ومنهجي باستخدام الكلمة المكتوبة والمعادلات الرياضية. كما يمكن نشره على نطاق أوسع وبشكل موثوق ودائم ، لم يعد يخضع لأهواء ذاكرة الديناصورات والتقاليد الشفوية ، منح هذا التقدم الرائع قوة جديدة للعلوم والثقافة الطباشيرية ، حيث نقلت الحضارة الطباشيرية من فترة ركود طويلة إلى عصر التقدم السريع


وفي نفس الوقت ، تم وضع تطبيقات جديدة بناءا علي المهارات اليدوية الدقيقة  للنمل في جميع قطاعات عالم الديناصورات. خذ تقنية حفظ الوقت كمثال. اخترعت الديناصورات الساعة الشمسية منذ فترة طويلة ، ولكن لاستخدمهم الأشجار الكبيرة كعقارب وخطوط ساعة حولها ، فكان لازما  أن تظل ثابتة في مكانها. لكن بفضل النمل ، صار ممكنا صنع ساعة شمسية أصغر وبخطوط ساعة أكثر دقة ، مما سمح للديناصورات بحملها. ولاحقا ، ستخترع الديناصورات الساعة الرملية وساعة المياه ، ورغم قدرتهم علي صنع حاوياتها بأنفسهم ، إلا أن النمل فقط  يمكنه حفر الثقوب اللازمة . وحتي تصنيع الساعات الميكانيكية صار أكثر اعتمادًا على عمالة النمل ، فرغم كون الساعة ذات البندول أطول من الديناصورات ، إلا أنها لا تزال تحتوي على العديد من الأجزاء الصغيرة التي لا يمكن تشكيلها إلا بواسطة النمل.


لكن المجال الذي قدمت فيه مهارات النمل الإسهام الأهم في تقدم الحضارة -إلى جانب الكتابة- كان التجريب العلمي. بفضل قدرة النمل على العمل المعقد ، أصبح من الممكن الآن إجراء قياسات بدقة استعصت على الديناصورات ، مما سمح بتحول التجارب من النوعية إلى الكمية. فصارت الأبحاث - التي كانت مستحيلة  - حقيقة واقعية ، مما أدى إلى خطوات سريعة في علوم الحضارة الطباشيرية.


أصبح  النمل  الآن جزءًا لا يتجزأ من عالم الديناصورات. ولا يكون  الديناصورات ذو  مكانة عالية أبدا دون عش للنمل مصغر . معظم هذه الأعشاش تشبه كرة خشبية وتضم عدة مئات من النمل. فحين يحتاج ديناصور إلى الكتابة ، فيفتح شريطًا من اللحاء أو رقا غير مدبوغة على الطاولة ويضع عش النمل بجانبه. فيندفع النمل  خارجًا نجو المخطوطة ويحفر الكلمات التي يمليها عليه الديناصور. لقد استخدموا نظامًا خاصًا جدًا للكتابة المتزامنة ، يختلف تمامًا عن نظامنا. فبينما نكتب نحن البشر حرفًا واحدًا في كل مرة ، يتعاون النمل ويكتبوا عدة أحرف في وقت واحد. سمح لهم ذلك بانجاز عملية النسخ بسرعة كبيرة ، ةبوتيرة تفوق بكثير سرعة خط اليد لدينا. وبطبيعة الحال ، صار عش النمل الذي في حجم الجيب للديناصور مفيدًا أيضًا لمختلف أنواع المهام الأخرى التي تتطلب لمسات لطيفة.


ومن ناحية النمل ، فقد تلقى من الديناصورات أكثر بكثير من مجرد عظام ولحم . بعد أن بدأ تعاونهم الجديد ، كانت اللغة المكتوبة هي أول كنز اكتسبه عالم النمل. لم يكن لدىهم لغة مكتوبة من قبل ، وحتى عندما أصبحوا كتابا للديناصورات ، ظلوا أميين واقتصروا على أعمال الاستنساخ البسيطة ، ونسخ الحروف من الواح الديناصورات الضخمة. كانت كفاءتها ضعيفة ، حيث يمكنهم فقط نسخ حرف واحد في المرة الواحدة. لكن الديناصورات كانت في حاجة ماسة إلى نمل  يمكنه الإملاء مثل السكرتارية ، وكان النمل ، الذي يدرك جيدًا أهمية اللغة المكتوبة في المجتمع ، حريصًا على التعلم. بفضل الجهود المتضافرة بينهما ، أتقن النمل بسرعة اللغة الكتابية للديناصورات واستخدمها في مجتمعه.


وبالنسبة للحضارة الطباشيرية ، كان ذلك ذو أهمية لا حصر لها حيث شكلت جسرا بين عالم كل منهما. بمرور الوقت ، أصبح النمل يفهم كلام الديناصورات ، ونظرا لطبيعة تشريح الديناصورات فلن يكونوا  قادرين أبدًا على فهم لغة النمل القائمة على الفيرومونات. وبالتالي ، حدثت تبادل  بسيط فقط بين العالمين. لكن ادي إتقان النمل للغة المكتوبة الي تغييرجوهري في هذا ، حيث يمكن للنمل الآن التواصل مع الديناصورات من خلال الكتابة. لتسهيل ذلك ، ابتكروا طريقة جديدة مذهلة للكتابة فوق رقعة من الارض، حيث ينظم آلاف من  النمل  أنفسهم بسرعة ليشكلوا  سطور من النص. نمت تلك الطريقة وصارت أكثر صقلًا يومًا بعد يوم. في النهاية ، كان الانتقال بين تشكيلات النمل امر سريع جدًا لدرجة أن كتلة مجمعة من النمل تشبه الامر الذي يحدث لشاشة الكمبيوتر.


مع تحسن التواصل بين العالمين ، امتص النمل المزيد والمزيد من المعرفة والأفكار من الديناصورات ،  فصارت الإنجازات العلمية والثقافية الجديدة تشيع على الفور في جميع أنحاء عالم النمل ، وفتم معالجة الخلل في مجتمعهم - وهي ندرة التفكير الإبداعي - مما أدى إلى تقدم سريع ومتزامن لحضارة النمل.

 كانت نتيجة تحالف الديناصورات والنمل أن اصبح النمل يد الديناصورات الماهرة ، بينما أصبحت الديناصورات منبعًا للرؤية والابتكار لدي النمل. أدى اندماج ذكاء كل منهما الناشئ في أواخر العصر الطباشيري إلى إثارة تفاعل نووي درامي. لتنهض  شمس الحضارة فوق قلب قارة جندوانا ، وتبدد ليل التطور الطويلة على الأرض.


Comments

Popular posts from this blog

ماذا ينقص الخيال العلمي العربي ليصبح مرآة مستقبلية؟

ترجمة الفصل الثالث من رواية بوابة المالا نهاية ل مايك كاري