رواية ذاكرة أسمها امبراطورية .. ترجمة الفصل الأول

 الفصل الأول


ومن خلف انحناء الكوكب الغازي الكبير في احداثيات B5682.76R1 اعتلت امبراطور Twelve Solar-Flare مقدمة سفينتها ، فكانت لهيبا مشعا غمر كل الفراغ. وامتدت الي الخارج اشعة ضوئها مثل حربة برامق عرشها ، راجمة الهياكل المعدنية التي كانت اماكن معيشة البشر في قطاع B5682، وملأتهم سطوعا. سجلت اجهزة استشعار سفينة Twelve Solar-Flareعشرة منهم ، الواحد منهم مماثل للاخر ، ولم يزد هذا الرقم منذ ذاك الحين ، داخل الهياكل لم يعرف الرجال والنساء فصول ولا نمو ولا اضمحلال، ولكن عاشوا لمالا نهاية في مدار دون منافع وطن كوكبي . اكبر تلك الهياكل يسمي نفسه محطة ليزل، والتي في لغة أهلها تعني محطة تسمع وتستمع. ولكن الناس هناك صاروا غرباء ، وتشبثوا بأنفسهم ، رغم كونهم قادرين علي تعلم اللغة ، وشرعوا من فورهم في القيام بذلك .. 


--تاريخ التوسع الاستعماري، الكتاب الرابع ، سطر 72 - 87 ، مجهول ولكن يُنسب إلى المؤرخ والشاعر بوسيدو-ثرتين ريفير  ، كتب في عهد إمبراطور كل تيكسكالان ثري بيريجي


من أجل تسهيل سفرك إلى الامبراطورية ، تطلب تيكسكالان ما يلي كدليل على الهوية : أ)سجل جيني يفيد ملكيتك الوحيدة لبنيتك الوراثية ، لم تتم مشاركته مع مستنسخ او مستند موثق يفيد ان بنيتك الوراثية فريدة بنسبة 90 % علي الأقل وانه لا يوجد فرد أخر يحمل مطالبة قانونية به، ب) قائمة مفصلة بالباضائع والأمتعة المنقولة والعملات ولوازم التجارة بالافكار التي تنوي جلبها معك، ج) تصريح عمل موقع وموثق  من رب عمل مسجل لدي النظام التيكسكالاني، مع بيانات عن الراتب وبدل الاعالة ، او بيان بأعلي أداء في الاختبارات الامبراطورية التيكسكالانية ، او دعوة من شخص او كيان حكومي ، هيئة مكتب ، وزارة ، او فرد مخول أخر يحدد تاريخ دخولك وخروجك من فضاء الامبراطورية او دليل علي وجود نقود كافية علي اعالة الذات  ... 


نموذج 721Q, نموذج طلب التأشيرة، مصاغ لغوية بأبجدية مختلفة للقطاعات الاجنبية  ، صفحة 6


هبطت ماهيت الي المدينة ،كوكب مركزي وعاصمة امبراطوية تياكسيكلان، في زورق صغير جدا ، مركبة فقاعة تكفي بالكاد  لجسمها وحقائبها معا، قذفت من جانب السفينة الامبراطورية Ascension’s Red Harvest وعبرت  محترقة العلاف الجوي  في مسارها نحو الكوكب ، مما شوه المشهد ، وهكذا كانت أول مرة تري فيها المدينة بعيونها وليس من خلال بيانات مخزنة او كهولوجرام او من ذاكرة ذهنية ، كانت ذات هالة من نار بيضاء وتتألق كبحر لامع لانهائي ، كوكب بأكله صار مدينة أكيومينوبوليس ، عمران شاسع، حتى بقعها الداكنة - مناطق متروبولوسية لم تكتسي بالمعدن بعد ، الخرائب العمرانية المتداعية ، بقايا البحيرات المستغلة - بدت مأهولة بالسكان. المحيطات فقط ظلت علي حالها، وكانوا لامعين ايضا، بلون أزرق فيروزي لامع.


كانت المدينة جميلة جدا وكبيرة جدا . ترددت ماهيت علي عدد لا بأس به من الكواكب ، أولئك القريبون من محطة ليزل وليسوا عدائيين لعيش البشر ، ورغم ذلك تغلبت عليها الرهبة ، ازدادت ضربات قلبها ، تعرقت راحة يدها حيث تتشبث بحزام الامان، ظهرت المدينة كما وصفت تماما في الوثائق والأغاني التياكسيكلانية ، جوهرة في قلب الامبراطورية. أكتملت ب ضياء الغلاف الجوي.


<ما تنظري اليه قصد ان يدفعك للتفكير > قال الأيماجو. كان طعما استاتيكيا  خافتًا في الجزء الخلفي من لسانها ، وميض من عيون رمادية وبشرة سمراء في رؤيتها المحيطية. الصوت الذي في مؤخرة رأسها ، ولكن لم يكن صوتها تماما  ، شخص في قرب عمرها ، ولكن ذكرا ، مرواغ ومتعجرف ، ومتحمس مثلها لوجوده هنا ، شعرت بفمها ينحني بابتسامته ، ازيد واوسع عن ما تفضله عضلات وجهها . كانوا حديثي العهد على بعضهم البعض. وكانت تعابيره قوية جدا



ياسكندر ، اخرج من جهازي العصبي ، فكرت له  ، توبيخ بلطف ، 

لم يكن من المفترض للايماجو - الذاكرة المزروعة المدمجة  لسلفها، الموجود نصفها في بنيتها العصبية والنصف الاخر في ألة صغيرة من السيرامك والمعدن مثبتة بجذعها الدماغي - أن يسيطر  على الجهاز العصبي للمضيف ما لم يوافق،  في بداية الشراكة كان التقبل معقدا ، تذكرت نسخة ياسكندر في داخل عقلها ان كان لديه جسد ، واحيانا استخدم جسد ماهيتي كما لو كان جسده، هي قلقت بشأن هذا ، كان لا يزال هناك مساحة كبيرة بينهما ، في حين من المفترض أن يصبحا شخصًا واحدًا.


هذه المرة  انسحب في يسر، أثار وخز ، ضحكة كهربية، <كما تشائي، هلم أريني، ماهيت؟ اريد التطلع أليها مرة أخري>


عندما حدقت نحو المدنية مرة أخري - صارت أقرب الان، وأرتفع الميناء السماوي ليقابل زورقها مثل زهرة مصنوعة من شبكات الاتقاط - تركت الايماجو ينظر من خلال عينها وشعرت بهجمة النشوة   كما لو كانت منها .


ماذا يوجد بالأسفل ، فكرت ، لأجل لك.


<العالم> قال الأيماجو , الذي كان سفير ليزل في المدينة حين كان مايزال شخصا حيا وليس جزءا من سلسلة طويلة من الذاكرة الحية . قالها باللغة التياكسيكلانية، مما جعل منها اطنابا بلا معني ، المصطلحة الخاص بكلمة العالم كانت الكلمة التي تعني "العالم" وكلمة "المدينة" هي نفسها ، كما كانت كلمة "إمبراطورية". كان من المستحيل تخصصيها، خاصة في اللهجة الإمبراطورية الرفيعة . مما اوجب على المرء ملاحظة السياق.


كان سياق يسكندر غامضًا ، وهو ما توقعه  ماهيت ، تأقلمت ، رغم كل السنوات التي قضتها في دراسة اللغة والأدب في تيكسكالانلي، لا أن طلاقته كانت ذات جودة متباينة عن طلاقتها ، وهو النوع الذي يأتي فقط بالممارسة والمعايشة.


<العالم> قال مرة اخري, <ولكن ايضا أطراف العالم. الامبراطورية ، ولكن ايضا حيث تقف الامبراطورية.


قام ماهيت بمطابقة لغته وتحدثت بصوت عال باللغة التياكسيكلانية ، حيث لم يوجد غيرها احد في الزورق الصغير . "لقد قلت شيئا بلا معني".


<نعم> وافقها ياسكندر. <حين كنت سفيرا كان من عادتي ان اقول كل انواع الاشياء التي لا معني لها . عليكي ان تجربي الأمر . انها ممتعة للغاية.>


في انعزال وخصوصية جسدها ، 

استخدمت يسكندر أكثر أشكال المخاطبة حميمية ، كما لو كان هو وماهيت مستنسخين أو عشاق، والتي لم تتحدث ماهيت بهم بصوت عال  ابدا. كان لديها اخ شقيق صغير في محطة ليزل، اقرب ما يكون مستنسخ منها ، لكن اخيها يتحدث فقط باللغة الأم، وتخاطبه  "انت"  ، وهي باللفظة تياكسيكلانية الحميمية مع الأخرين، كلاهما بلا معني بلامعني او لطف .كان ممكنا ان تقول "انتم" لعدد قليل ممن كانوا معاها في دروس الادب واللغة تلك - علي سبيل المثال،  صديقتها القديمة وزميلة الدرس شراجا توريل كانت ستفهم الاطراء بشكل صحيح، ولكن ماهيت وشراجا لم يتحدثا معا منذ ان اختيرت ماهيت السفير الجديد لدي تياكسيكلان وحملت ايماجو السفير القديم. كان سبب  هذا الكسر الصغير بينهما واضحا ، وتافها، وندمت ماهيت علي ذلك ، ولم يكن شيئا يتيح لها فرصه اصلاحه الا بخطاب اعتذار من مركز الامبراطورية الذي رغبت هي وشراجا ان تراها . وهو أمر من المؤكد ان لن يساعد .


أقربت المدينة ، وملأت الافق، منحني شاسع تسقط به ، فكرت الي يسكندر ، انا سفيرة الأن ، ربما اتكلم بكلام ذا معني اذا  شئت .


<كلامك صحيح> قال يسكندر، وكان نوع من الاطراء مما يوجه المواطن التياكسيكلاني الي طفل  في مرحلة الطفولة المبكرة .


 قبضت الجاذبية علي الزورق الصغير ونفذت في عظام فخذ وذراع ماهيتي ، مسببا لها شعورا بالدوران . كان الأمر مربكا. تتفتح  أسفلها  الشبكة الواسعة للميناء السماوي . ظنت لوهلة انها تسقط، وانها ستظل تسقط طول الطريق الي سطح الكوكب لتلطخ الارض في ضربة عنيفة .


<كان الأمر نفسه معي > قالها يسكندر في عجالة  باللغة الاستيشنرية ،  اللغة الأم لماهيتي ، <لا تخافي يا ماهيتي ، انت لا تسقطي ، انه الكوكب.>


قبض عليها الميناء السماوي  برجة قوية .


كان لديها الوقت لتجمع شتات نفسها . فكان هناك بعض الاجراءات المتعلقة بالزورق الصغير الذي تم دفعه لصف طويل من المركبات الأخري ليتحرك خلال سير ناقل ليتم التحقق من كل واحد ، ويصل الي البوابة المخصصة له. وجدت ماهيتي نفسها تتدرب علي ما سوف تقوله للموظف الامبراطوري علي الجانب الاخر كما لو كانت طالبة في عاملها الأول تستعد لامتحان شفوي . وفي مؤخرة رأسها ، كان الايماجو يقظا ، حاضرا بدندنته ، في كثير من الأحيان كان يحرك يدها اليسرى ، وتنقر الأصابع على حزامها ، فكانت ايماءة عصبية من شخص آخر. وتمنت ماهيت أن يكون لديهم وقت أطول ليعتادوا على بعضهم البعض.


هي لم تمر  بالاجراءات  المعتادة في زرع الايماجو , اتمت عاما او اكثر من العلاج الاندماجي تحت رعاية دقيقة لأحد الأطباء النفسيين في ليزل ، هي ويسكندر قضيا معا اقل من ثلاثة أشهر ، والان أقتربا من المكان الذي سيحتاجا فيه الي العمل معا كشخص واحد ،  جمع من سلسلة ذاكرة ومضيف جديد.


حين وصلت Ascension’s Red Harvest ظلت عالفة في مدار موازي حول شمس محطة ليزل ، وطالبت بسفير جديد لتعود به الي تياكسيكلان ، رفضوا توضيح ما حدث للسفير السابق، كانت ماهيت واثقة من وجود قدر كبير من السياسية لدي مجلس ليزل فيما يتعلق بما ومن سيتم ارساله , وما يتطلب من معلومات . كان ما تعرفه صحيحا ،  هي نفسها كانت  من القلة التي في المحطة البالغة من العمر ما يكفي للوظيفة والشابة بما يكفي ان لم تنضم بعد الي سلسلة ايماجو ، ومن القلة التي مازالت  لديهم المؤهلات والتدريب المناسب للعمل الدبلوماسي من بين هؤلاء ، كان ماهيت هي الأفضل. كانت درجاتها في الاختبارات الإمبراطورية في اللغة والآداب التياكسيكالانية تقترب من المواطن الإمبراطوري ، وكانت فخورة بذلك - أمضت نصف عام منذ الاختبارات وهي تتخيل أنها ستأتي إلى المدينة، في وقت ما في منتصف عمرها، حين تأسس وتكتسب خبراتها وذلك بحضور أي صالون مفتوح لغير المواطنين في ذلك الموسم - وجمع المعلومات لأجل من ستشارك ذاكرتها معها بعد وفاتها.



الأن صارت في المدينة ، حسنا ، الأكثر أهمية من أي اختبار تياكسيكلاني هو نتائجها الجيدة في مدي الملائمة مع الايماجو ، ملائم ، ملائم ، ملائم علي هذا الارتباط . يسكندر اغافن سيكون هو الايماجو الخاص بها ، السفير السابق في تياكسيكلان . الان هو بطريقة ما صار غير ملائم لتلك المهمة ، ميت او مخزي او مختطف لو كان حيا ، تعليمات ماهيت الحكومية لها تضمنت التحديد الدقيق للامر الخطأ الذي جري له ، لكن ، مازال لديها الايماجو الخاص به هو او علي الأقل أخر نسخة منه مرت عليها 15 عاما ، وكان اقرب شئ يكمن  لليزل ان توفرها ك مرشد أصلي في البلاط التياكسيكلاني. لم تكن أول مرة تتسائل فيها ماهيت ان كانت ستجد  ام لا يسكندر ينتظرها بنفسه وهي تخطوا خارجا ، لم تكن متيقنة ايهما سيكون أسهل 

ان يكون هناك سفير مشين أو منافس لها ربما يمكن انقاذه او ان لا يكون موجودا مما يعني وفاته دون يمنح شخص أصغر ما أكسبته الحياة.


كان يسكندر الأيماجو الموجود في رأسها بالكاد أكبر منها عمرا ، فكان ذلك  مفيدا في خلق قواسم مشتركة وفي عدم الراحة - أغلب الايماجو اكبر عمرا او ضحايا لحوادث موت مبكرة - ولكن اخر تسجيل لمعارف وذاكرة يسكندر تم أخذها حين عاد لأخر مرة الي ليزل في اجازة من منصبه في تياكسيكلان ، بعد خمس سنوات فقط منذ ان أرتحل  لأول مرة الي المدينة ، ولقد مر عقد ونصف منذ ذلك الحين.


كان شابا ، وهي كذلك ، وأي ميزة للاندماج تم منحها لكلاهما تناقضت مع قصر الوقت الذي أمضاها معًا، كان اسبوعين بين وصول الناقلة ومعرفة ماهيتي باختيارها السفير الجديد ، وثلاثة اسابيع  ليتعلما هي ويسكندر كيف يعيشا معا في جسد أعتادت ماهيتي ان انتمائه  لها وحدها ،  وذلك تحت أشراف الاطباء النفسين للمحطة ، فترة طويلة وبطيئة السفر علي متن Ascension’s Red Harvest ، بسرعة أقل من سرعة الضوء في المسافات التي بين بوابات القفز المبعثرة مثل الجواهر عبر الفضاء التياكسيكلاني 


انفتح غلاف الزورق الصغير مثل فاكهة الناضجة ، فانسحب منكمشا حزام أمانها . أمسكت بأمتعتها في كلتا يديها ، وصعدت إلى البوابة ، وبالتالي إلى تيكسكالان نفسها


كان بوابة ميناء السماء مشيدة في خفة بأقصي منفعة ممكنة بسجاد مقاوم للبلي ولافتات واضحة المعالم بين الجدران المكسوة بألواح زجاجية وفولاذية. تقف في منتصف  

كانت تقف بمفردها  وسط نفق البوابة  بين الزورق الصغير  والميناء المناسب ، مسئولة إمبراطورية تياكسيكلانية ترتدي زي ابيض ، كانت صغيرة الحجم ، ضيقة الاكتاف والخصر، واكثر قصرا من ماهيتي ، وشعرها الأسود مصفوفا في ضفيرة ذيل السمكة متساقطة فوق صدرها الايسر . أكمامها واسعة كالجرس ، ذات ظلال برتقالية اللون  أعلي الذراع ، <ذاك لون وزارة المعلومات> ، اخبرها يسكندر ،  تنتهي باكمام قرمزية وهيي امتيازا لاعضاء البلاط ذو اللقب . فوق عيناها اليسري الكلاود-هوك ، وهي عدسة زجاجية تفيض  بالدفق المتواصل  لشبكة المعلومات الإمبراطورية. ذات شكل انيق ، يشبه كثيرا ببقية شكلها ، عيناها الكبيرتان الداكنتان وعظام وجنتها الرفيعة وفمها كانوا  أغيد من الموضة السائدة في تيكسكالان ، ولكن وفقا لمعايير موطن ماهيتتي  كانت مثيرة للاعجاب وان لم تكن جميلة جدا ، لمست اصابعها معا ف ادب امام صدرها وأمالت رأسها لماهيتي.


رفع يسكندر ذراع ماهيتي للقيام بنفس الايماءة، ووضعت ماهيتي الحقائب التي تحملها علي الارض بجلبة وارتباك، كانت مرتعبة . لم ينسل منها هكذا منذ أول اسبوع حين صارا معا.


تبا ، فكرت ، وسمعت في نفس اللحظة يسكندر يقول <تبا> ولم يكن تكرار الكلمة مهدئا من روعها.


بتمعن لم تغير المسئولة الرسمية تعبير وجها المحايد ، قالت " سيادة السفيرة ، انا ثري سيجرس ، أسيكريتية و نبيلة من الدرجة الثانية، انه شرفا لي الترحيب بك في جوهرة العالم ، انا في خدمتك كحلقة وصل ثقافي لأمر صاحب الجلالة الامبراطور سيكس دايركشن". جثمت عليهم وقفة طويلة ، ثم تنهدت المسؤولة قليلاً واستمرت:" هل تحتاجي إلى نوع من المساعدة في متعلقاتك؟ "


كان  "ثري سيجرس" اسم تياكسيكلاني قديم الطراز، وكان الجزء الرقمي منه ذو قيمة رقمية متدنية ، والجزء المتبقي يخص نباتا، وحتى لو كان نباتًا ، فلم تره ماهيت مستخدمًا في اسم من قبل. كانت جميع الأسماء التياكسيكلانية اما  نباتات أو أدوات أو كائنات غير حية ،وكانت اغلب اسماء النباتات ازهار . "ثري سيجرس" اسم لا ينسي . أسيكريتية  تعني انها ليس فقط من وزارة المعلومات ، كما ينبأ زيها بهذا ، ، بل كانت أيضًا عميلة مدربة في رتبة ما ، بالاضافة لحمل لقب  نبيل  من الدرجة الثانية من البلاط ، ارستقراطية ولكن ليست شخصا مهما جدا او ثرية.


انزلت ماهيتي يدها من حيث وضعها يسكندر ، الي المكان الذي تنتمي له ، بغض النظر عن مدي غضبها من كيفية وصول يدها الي الموضع السابق ، وانحنت . " السفيرة ماهيتي دزمير من محطة ليزل. في خدمتك وخدمة جلالته، عسى أن يكون عهده لهيبا مشعا يغمر  الفراغ" . بما ان هذا كان اول تواصل رسمي لها مع عضو من البلاط التياكسيكلاني ، فأستخدمت التبجيل الإمبراطوري المختار بعناية تشاورا  مع يسكندر والمجلس الحكومي في ليزل، "لهيبا مشعا" ، هي كنية الامبراطور (الاثني عشر - توهج شمسي) في تاريخ التوسع الاستعماري كما ينسب اليه لقب (شبه- الثلاثة عشر نهر) كأقدم رواية للوجود الامبراطوري في فضاء المحطة. واستخدام ذلك الان علامة علي سعة اطلاع ماهيتي وتبجيل للامبراطور وحاشيته ، واما  كلمة العدم فتجنبت اي تلميح بالمطالبات التياكسيكلانية باجزاء من فضاء المحطة والتي هي ف الواقع لم تكن فقط فضاء 


وعلي اية حال كان من الصعب  معرفة ان كانت (الثلاثة - اعشاب البحر )  تعي ما الاثار المترتبة علي تلك الكلمات . انتظرت في صبر ماهيتي وهي تنتشل حقائبها مرة اخري ،ثم قالت " احكمي قبضتك عليهم . انك منتظرة بشكل عاجل في القضاء فيما يتعلق بالسفير السابق ، وربما تحتاجي الي تحية كل ما تقابليهن علي طول الطريق".


 ممتاز، مايهيت لم تكن ماهيتي تقلل من قدرة (الثلاثة -اعشاب البحر) من ان تكون شخصية وضيعة ،  ولا قدرتها علي ان تكون فطنة . فأومأت برأسها ، وحين ألتفت المرأة الاخري بتعجرف وسارت صعودا في النفق، لحقت بها 


<لا تقللي من قدر احد منهم> قال يسكندر. <مسئولة الوصل الثقافي  كانت جزء من حاشية البلاط لنصف طول المدة ظللتي بها علي قيد الحياة ، ولقد استحقت بجدارة هذا الموقع 


لا تلقي علي محاضرة  في حين وقد جعلتني ابدو  كبربرية مرتبكة


<هل تريدي مني أن اعتذر>


هل تتأسف؟


تستطيع ماهيتي ان تتخيل تعبيره وجه بسهولة شديدة ، ماكر ، هادئ كالتيياكسيكلانيين ، ذو فم مرتخي تتذكره من هولوجرام له وهو يحرك شفتيه لاعلي وللجنب ، <لا اريدك ان تشعري وكانك تبدو همجية . سوف تحظي بما يكفي  من هذا  منهم .>


لم يكن أسفا، ربما كان يشعر قليلا بالحرج ، وان كان كذلك فعلا ، فلن ليشعر بهذا في جهاز غددها الصماء.


أستولي عليها يسكندر  خلال النصف ساعة التي تلت، ولم تستاء حتي ماهيت من ذلك  . لقد تصرف تمامًا كما يجب أن يتصرف الإيماجو، مستودع للمهارات والغريزية والتلقائية التي لم يكن لدي ماهيتي الوقت لاكتسابها، كان يعرف متي ينتقل عبر المداخل المصممة للتياكسيكلانين وليس لمواطني المحطة ، متي 

متى يجنب عينيها وهج شروق المدينة المنعكس في زجاج المصعد الزاحف خارجا من من ميناء السماء ، كم ترفع قدمها وهي تخطو داخل مركبة الارضية ل ( الثلاثة - اعشاب البحر) . قد كان يؤدي طقوس الاحترام كمواطن من تلك المدينة . وبعد حادثة الحقائب صار اكثر اعتناءا في تحريك ايدي ماهيتي ، ولكنها دعته يتولي مسئولية مدي ستظل تحافظ علي تواصلها البصري ومع من ، درجة انحناءة رأسها حين تلقي التحية ، وكل التفاصيل الصغيرة التي تلمح لكونها اجنبية بدرجة أقل ، وأقل همجية ، انها شئ ربما ينتمي للمدينة . الاحتماء بالتمويه اللوني، ان تصبح مواطنة من تلك المدينة دون ان وجوب ان تكون مواطنا بالفعل ، شعرت بالعيون الفضولية تنزلق عنها لتركز علي فستان البلاط ل(الثلاثة - اعشاب البحر) ، وتسائلت عن مدي حب يسكندر للمدينة ، ليكون متحمسا هكذا للتواجد هنا .


في المركبة الأرضية ، سألت (الثلاثة - اعشاب البحر) "هل زرتي عالمنا منذ فترة ؟"


احتاجت ماهيتي لتكف عن التفكير بغير باللغة التياكسيكلانية . وما قصدته (الثلاثة - اعشاب البحر) هو الدردشة اللطيفة، هل زرت بلدنا من قبل ، وسمعه ماهيتي كانه سؤالا وجوديا.



قالت،  "كلا،  ولكني قرأت الاعمال الكلاسيكية منذ كنت طفلة صغيرة جدا ، وكثيرا ما كنت افكر في المدينة ".


بدي ان (الثلاثة - اعشاب البحر) استحسنت الجواب . " لا أريد ان اسبب لك الضجر يا سيادة السفيرة " قالت ، " ولكن اذا اردتي جولة قصيرة مصحوبة بالشرح  عن ما نمر به ، فسيسعدني ان أتلو عليك قصيدة مناسبة ". ضغطت على زر التحكم في جانبها من السيارة ، وصارت النوافذ شفافة ، 

"لم اشعر بالملل" ، قالت ماهيت  بصدق ، وفي الخارج ، كانت المدينة  في ضبابية من المعدن والحجر الباهت ، وتزحف اضواء النيون صعودا وهبوطا علي الجدران الزجاجية لناطحات السحاب ، كانوا على أحد الطرق الدائرية المركزية ، متجهين في مسار حلزونيا عبر المباني البلدية الي القصر نفسه. الذي كان - إلى حدّ بعيد - مدينة داخل مدينة عن كونها قصرا ، واحصائيا ، كان يضم مئات الألاف من المقيمين به ، وجميعهم كانوا مسئولين بأدق وظائف الامبراطورية ، بدأ من مسئولي البساتين وصلا الي الامبراطور نفسه ، كل منهم متصل بشبكة المعلومات المكفولة لمواطني الامبراطورية ، وكل منهم غارق في تدفق مستمر من البيانات التي تخبرهم  أين يجب أن يكونوا ، وماذا يفعلون وكيف ستمضي احداث يومهم واسبوعهم وعصرهم .


تمتلك (الثلاثة - اعشاب البحر) صوتا ممتاز ، وهي تتلو قصيدة (الأبينة ذات السبعة عشر ألف سطر)  والتي تصف عمارة المدينة . لم تكن ماهيت تعرف بدقة أي نسخة هي تتلوها، ربما كان سبب هذا ماهيتي نفسها ، فقد كان لديها قصائدها السردية المفضلة من الادب التياكسيكلاني، وقد حفظت الكثير مما أمكنها منهم اقتداءا بالطبقة التياكسيكلانية  المثقفة (ولأجل اجتياز الاجزاء الشفوية في الامتحانات) ، ولكن قصيدة (الأبنية) كانت تبدو  دوما مملة لكي تنزعج بها . لكن الوضع قد اختلف الأن، وهي تسمع (الثلاثة - اعشاب البحر) تتلوها وهم يمروا بالمباني المذكورة. وقد كانت ذات طلاقة في الخطابة، واتفان في الصيغ البديعة الموزونة تضيف تفاصيل مناسبة  واصلية ومسلية  حين يكون الارتجال واجبا. طوت ماهيت علي حضنها وشاهدت الشعر يمر عبر زجاج نوافذ المركبة الأرضية.


اذن  تلك هي المدينة ، جوهرة العالم ، قلب الامبراطورية ، انهيار بين السرد والادراك ، تجري (الثلاثة - اعشاب البحر) تعديلات سريعة ع القصيدة حيث تغيرت بعض المباني . وبمرور بعض الوقت ادركت ان يسكندر كان يتلوع مع (الثلاثة - اعشاب البحر) ، في همس  خافت في مؤخرة عقلها، وفي هذا الهمس عثرت علي الاطمئنان  ، كان علي معرفة بالقصيدة ، وبالتالي عرفتها أيضا ان احتاجت ان تعرفها ، فكان هذا هو الغرض من سلاسل الايماجو، التأكد من الحفاظ علي الذاكرة النافعة ،جيلًا بعد جيل .


ظلا يرتحلا في خمسة واربعون دقيقة ومرا علي 2 ازدحام مروري ، قبل ان تنهي (الثلاثة - اعشاب البحر) أبياتها وتوقف المركبة الأرضية عند قاعدة عامود لمبني تشبه الأبرة ، قريبا من مركز  حرم القصر. وقال يسكندر <المجمع القضائي>


سألته ماهيت، اتلك علامة جيدة ام سيئة ؟


<علي حسب ، انا أتسائل عما فعلته>


شئ ما غير قانوني ، هيا يا يسكندر ، اعطني فكرة عامة عن ما يمكن ان يكون هنا ، ما الذي يجعلك تلقي بنفسك بالسجن؟


كان لدى ماهيت انطباع بأن يسكندر قد تأوه  ، ولعل شعورها بالقلق  من عصبية شخص آخر قد أثار لديها الادرينالين  <مم. اثارة الفتن ، غالبا> 


تمنت ان لو كانت متيقنة من انه يمزح 


يحيط بعمود مبني القضاء حراس يرتدون زيا رماديا ، محتشدين قرب الباب، وكانت نقطة تفتيش أمنية. يحملون عصي طويلة نحيفة رمادية اللون داكنة ، بدلاً من أسلحة الطاقة التي تفضلها فيالق تيكسكالانلي. كان ماهيت قد رأت الكثير منها مؤخرا  في Ascension's Red Harvest ، ولكن ليس تلك


قال يسكندر  <عصا الصدمات الكهربية ، تستخدم لأجل السيطرة  الكهربائية على الحشود ، لم تكن موجودة حين كنت هنا آخر مرة. من معدات مكافحة الشغب ، أو على الأقل في مراكز الترفيه الشعبية >


انت متأخر خمسة عشر عاما عن التحديث ،فكرت ماهيت، ربما تغير الكثير 


<انه مركز القصر ،  لو كانوا قلقين من حدوث شغب في المحكمة ، فلم يتغير شيئا ، هناك امر غير طبيعي ،  اذهبي الان واعرفي ماذا  فعلت>.


تسأئلت ماهيت عن الامر الخطأ الذي حدث بما يكفي لوجود أرتكاز أمني عند باب المحكمة ، وان كان يسكندر قد ساهم في حدوث ذلك الامر ، فشعرت بوخز في ظهرها يصعد عمودها الفقري ويهبط عبر ذراعيها ، وأن أعصاب ذراعها تزحف بشكل غير مريح ، لم يكن لديها الفرصة لمزيد من التفكير المكدر ، حيث رافقتها  (الثلاثة - اعشاب البحر)  عبرهم ، فقدمت بصمات اصابعها وكذلك فعلت ماهيت ، وظلت واقفة وعنيها تجول الانحاء في ادب بينما يفتش حارس الأمن باحترام جيوب سترة ماهيت وسروالها .  وبشكل مهذب تم الحجز علي حقيبتها  ووعدت باسترجاعها في طريق العودة 


بمجرد أنتهاء الحارس من اقتحام المساحة الشخصية المحرمة لـ Mahit ، قامت بنصح ماهيت بتجنب التجول دون مرافق لها ، حيث لم يتم تسجيل هويتها على الشبكة المعلوماتية او التصريح لها بالتواجد داخل مبني المحكمة. فأبدت ماهيت استغرابها ل (الثلاثة - اعشاب البحر) .


"هناك تساؤلات بخصوص التعجيل" قالت (الثلاثة - اعشاب البحر) وهي تحث الخطي عبر الابواب القزحية الي الداخل بأرضيتها الرخامية وبرودتها، نحو المصعد. "بالطبع   سيتم  الاهتمام بتسجيل هويتك وتصريحك بالتحرك داخل مجمع القصر  في اقرب وقت ممكن " .


قالت ماهيت "لقد مر اكثر من شهر علي بدء انتقالي ، ومازال هناك تساؤلات بخصوص التعجيل؟".


"لقد كنا ننتظر منذ ثلاثة أشهر ، يا سيادة السفير، حين  أرسلنا في طلب مندوب جديد من المحطة".


قال يسكندر< لابد أنني فعلت شيئًا مثيرا للغاية،  في الأسفل توجد محاكم سرية وغرف استجواب ، أو هكذا كانت شائعات القصر دائما.>


دق صوت وصول المصعد اربع مرات، "وهل يؤثر ساعة اخري زائدة  علي  ثلاثة أشهر ؟".


أشارت (الثلاثة - اعشاب البحر) لماهيت بالتحرك نحو المصعد ، فكانت بشكل ما اجابة لها  ، وان لم تكن افادة بذلك


وهبطوا.


بالأسفل  كان بانتظارهم غرفة ربما قد تكون قاعة محكمة او غرفة عمليات ، ذات أرضية معدنية زرقاء ، وصفوف مدرجات اصطفت حول طاولة مرتفعة يرقد عليها شئ كبير مغطي بملاءة ، واضواء كاشفة ، وثلاث غرباء تياكسيكلانين، جميعهم عريضوا الخدود و الأكتاف، أحدهم يرتدي رداء كهنوتي أحمر ، وأخر  في زي مطابق ل( الثلاثة - اعشاب البحر) برتقالي اللون خاص بوزارة الإعلام، وأخر في حلة رمادية داكنة تذكر ماهيت الي حد كبير ببريق معدن عصيان الصدمات الكهربية ، وواقفين حول الطوالة يتجادلوا بأصوات منخفضة وسريعة ، حاجبين رؤية ماهيت عن ما كان يرقد عليها 


قال رجل وزارة الإعلام منزعجًا "ما زلت أرغب في إجراء الفحص الخاص بي ، لصالح وزارتي ، قبل اعادته ، "


"ليس هناك سبب واحد وجيه لأعادة تسليمه لهم " قال التياكسيكلاني ذو الزي الأحمر ثم انهي كلامه " لن يفيدنا ذلك بشئ ، وربما قد يسبب في وقوع حادثة"


قال ذو الحلة الرمادية الداكنة معترضا " علي عكس أراء وزارتك ، أنا متأكد تمامًا أن أي حادث قد يتسببوا بها لن تكون اكثر ازعاجا  من قرصة حشرة ، كما أنه من السهل معالجتها".


قال من في وزارة الاعلام "بحق الجحيم ، فلتجادل فيما بعد، انهم هنا"


ألتف الرجل ذو الزي الأحمر لهما فور دخولها ، كما لو كان يتوقع وصولهم ، كانت السقف عبارة عن قبة منخفضة الارتفاع ، ففكرت ماهيت بفقاعة الغاز ، المحبوسة تحت سطح الأرض ، ثم ا دركت ماهية الشكل الموجود فوق الطاولة علي انه جثة .


راقدة تحت ملاءة رفيعة ذات رسوم فوق منتصف جذعها العاري ، والايدي موضوعة علي الصدر ، والاصابع متلامسة كما لو كانت تستعد لتحي العالم الاخر فيما بعد .ذات خدود غائرة و عيون مفتوحة مزرقة . نفس اللون الذي تخلل شفتيه و اظافره . يبدو كما لو كان ميتا منذ زمن طويل ، ربما ثلاثة أشهر.


كما لو كان يقف بجانبها  سمعت  ماهيت يسكندر يقول في ارتياع وحيرة  <لقد صرت مسنا>، كانت ترتجف وضربات قلبها تتسابق ، غرقت في صوت (الثلاثة - اعشاب البحر) وهي تقدمها ، ذاك  الاندفاع المسبب للدوار ، أسوأ من السقوط علي الكوكب ، هلع من لا شئ . ليس هلعها : انه يسكندر ، الإيماغو ،  يغمرها بهرمونات توترها ، والأدرينالين يكفي لتشعر بطعم المعدن. فم الجثة كان مرتخيًا ، لكنها استطاعت رؤية خطوط ابتسامة في جوانبها، وشعور في فمها بكيفية تشكيل يسكندر لها بمرور الزمن .


"كما ترون يا سيادة السفير دزمير" قالها الرجل ذو الزي الأحمر ، والذي عجزت ماهيت عن التقاط اسمه اثناء تقديمها لهم ، "كان امرا الضروري وجود سفير جديد . اعتذر عن ابقائه هكذا علي هذا الحال ، ولكن لم  نرد ازدراء أي أمور جنائزية قد يفضلها شعبك."


اقتربت . ظلت الجثة علي موتها ، ظلت ساكنة متهدلة فارغة .قال يسكندر  <اللعنة > ،  يمور بارتعاش مثير للغثيان  ،كانت ماهيت واثقًة بشكل مرعب من كونها ستتقيأ. <أوه ، اللعنة ، لا يمكنني فعل هذا.>


فكرت ماهيت او يسكندر هو الذي فكر ، (كانت تعاني من مشكلة ابعاد افكارهما عن بعض ، ولم يكن من المفترض أن لا يسير  الاندماج بهذه الكيفية  ، ولم يكن من المفترض أبدًا أن تضيع داخل استجابة ذعره البيوكيميائية  التي اختطفت جهاز غددها الصماء ) ، كون المكان الوحيد الذي صار يسكندر موجود فيه  الآن هو داخل رأسها. لقد اعتبرته ميتا ، حين طلبت تيكسكالان سفيرًا جديدًا ، اعتقدت بهذا الأمر ذهنيا ووضعت خططها بناءا عليه ، وها هوا الأن جثة أمامها ، وعاء مجوف متعفن، ومع ذلك  كانت مذعورة لكون الايماجو الخاص بها مذعورا، وكبت المشاعر هي أسهل طريقة لتخريب تكامل لم يتم ، وكبت المشاعر من شأنه ان يحرق كل دوائر الجهاز الدقيقة  ف رأسها ، وتبا ، سيصير هو ميتا ، واصير ميتة انا أيضا وسيغشي الطمس والضباب المثير للغثيان كل شئ .


يسكندر ، حاولت ، رمت للوصول الي الراحة و الانفصال عن ما يجري مستغلة بعد موقعها


<أقتربي> اخبرها ، <اريد ان أري، لست واثقا>


حرك قدميها من قبل ان تقرر ان كانت ستفعل ما يطلبه . كما لو أنها حجبت عن الوعي خلال الوقت التي استغرقته للاقتراب من الجثة ، رمشت بعينها فكانت هناك ، وكان هذا امر خاطئ جدا جدا ولم تستتطع منعه .


قالت "نحن نحرق أمواتنا"، ولم تعرف من تشكر لكونها قالت ذلك بلغة سليمة 


قال رجل البلاط ذو الزي الرمادي "يا له من تقليد مثير للاهتمام". اعتقدت ماهيت انه ينتمي للسلك القضائي ، ومحتمل ان تكون تلك مشرحته ، حتي ولو كان ذو الزي الأحمر هو المتعهد بالموتي .


ابتسمت له ماهيت ، ابتسامة شديدة الاتساع بالنسبة لوجها ، نائية جدا عن تحكم يسكندر عليها ، تعبير من شأنه ان يروع أي شخص تياكسيكلاني جليل . "العالم الأخر" قالت باحثة عن لفظ صحيح تتشبث به كالصاري بين أمواج الأدرينالين الهائجة ، "أننا نأكل رماده كشيء مقدس. أولاده ومن يخلفه أولاً. إن كان لديه شيء منهم ".


حظي  رجل البلاط  بشحوب اللون والعناد بالرأي  فأعاد تكرار كلامه  "يا له من تقليد مثير للاهتمام". 


"وما الذي تفعلوه بأمواتكم؟" . سألت ماهيت  مقتربة من جسد يسكندر بأنقياد ، ولوهلة  بدي أن فمها صار تحت تصرفها ، أما قدمها فكانت تخص يسكندر. "عذرا علي الفضول . أنا لست مواطنًة  في نهاية الأمر".


قال الرجل ذو الزي الأحمر ، "الدفن غالبا" مجيبا كأنه سؤال يتعرض له بشكل يومي . "هل ترغبي في فحص الجثة يا سيادة السفير؟".


"هل هناك سبب لفعل هذا ؟" قالت ماهيت وهي تسحب الملاءة بالفعل. كانت اصابعها متعرقة وتنزلق من بين الملاءة ، وتحتها  الجثة كانت  عارية ، رجل أربعيني كل جلده مشوب بنفس اللون الأزرق ، حول نقاط شفافة لمادة حافظة تم حقنها ، كانت تلك النقاط واضحة بشكل لافت ، ثقوب محاطة بهالة شاحبة من  من اللحم  المنتفخ ، فوق الشريان السباتي وفي أوردة كلا الذراعين. كان هناك اماكن اخري تم حقنها ،  في قاعدة الإبهام الأيمن للجثة ، مشوها شكل اليد. وفي لحظة اخري من لحظات الغشيان تلك ،وجدت نفسها تحدق في الجثة، كانت تنظر إلى وجهه ، والآن صارت تنظر إلى معصمه ، كما لو كان الإيماجو بحاجة لرؤية كل جزء مما صار اليه جسده السابق.  وحتى لو أرادت ماهيت كخليفة  المطالبة بحقوقها في رماد جسده ، فلم تكن متيقنة من رغبتها في ذلك ، حيث رأت أنه  ربما من الغباء جدًا تناول مما حقنه الرجل ذو الزي الأحمر به. ثلاثة شهور دون تعفن ، تكاد تشعر بطعم عصارة صفراوية في حلقها ، في ظل دفق ذو طعم معدني للغدد الصماء ،  يجب أن تتحلل الجثث ، ويعاد تدويرها.


تحتفظ  الامبراطورية بكل شئ، وتروي نفس القصص مرارًا ، فلما لا تحافظ علي اللحم ايضا بدلاً من تغير امره ليعامل بكرامه وتبجيل ؟


كانت تجس الرسغ، حيث اقتفي الايماجو بأصبعها اماكن الحقن ليصل بعيدا  حتي الكف ، متتبعا اثر ندبة ما . وكان اللحم لينا كالبلاستيك ، حدا ما ، يسكندر الخاص بها ليس  لديه  تلك الندبة بعد  ،يسكندر الخاص بها لم يمت بعد  ، اعترتها موجة اخري من الموجات المثيرة للدوار والغثيان تلك ، وجاشت حواف رؤية قزحيتها بالفوران  واشتعلت  بالشرر ، وخطر في ذهنها ان كلانا سيفجر كل الدوائر الالكترونية ، كف عن هذا 


<لا استطيع> قال يسكندر مرة أخري ، كان الانكار وعدم التصديق هائلا داخل ذهنها ،وانهيار بدي كشرارة انطفأت تماما، ثم اختفي يسكندر 


عم الصمت داخلها. حتي شعورها به حين ينظر عبر عينين ماهيت. شعرت بانعدام الجاذبية ، ووامتلائها  باندورفين لم تفرزه عن قصد ، ووحيدة بشكل رهيب. لسانها ثقيل وذو مذاق كالألومنيوم.


لم يحدث لها من قبل شيء من هذا القبيل .


"كيف مات؟" سألت وهي  مستغربة انها بدت طبيعية تماما، رابطة الجأش ، سألت فقط من أجل أستمرار الحديث ، لا احد من التياكسيكلانين يعلم شيئا عن وجود الايماجو، لا أحد منهم قادرا حتي علي فهم ما حدث لها للتو.


قال الرجل ذو الزي الأحمر  " مات مختنقا " ، لامسا في حنكة رقبة الجثة  باصبعين ممتدين " لقد انسد عنقه" ، ذلك امرا مؤسفا جدا . لكن غالبًا ما تختلف  فسيولوجية الاجانب  جدًا  عن فسيولوجيتنا ".


"هل تناول شيئا لديه حساسية منه ؟" سألت ماهيت  . وقد بدا الأمر سخيفا . كانت في حالة صدمة وشلل ف الحس ، ومن الواضح ان يسكندر قد مات بسبب الحساسية المفرطة ، وإذا لم تكن منتبه فستصاب بنوبة ضحك هيستيري.


قال الرجل الآخر من حاشية البلاط ، والمنتمي لوزارة الإعلام.  "في لمح البصر ، خلال عشاء مع وزير العلوم تين بيرل"، وبدا كما لو خرج من لوحة تياكسيكلانية كلاسيكية ، ملامحه سيمترية بشكل لا يصدق ، شفاه ممتلئة ، جبهة منخفضة  ، وانف معقوق تماما ، عيون كبركة بنية عميقة . يجب عليك فيما بعد  يا سيادة السفير ان تتطلعي علي نشرات الاخبار ، انها حادثة شعبية اعلاميا"


" (الاثني عشر - شجيرة الأزالية)  لا يقصد الاقلال منك" قالت (الثلاثة - اعشاب البحر) حيث كانت تقف بجانب الباب. "لم تنتشر الاخبار ابعد من مجمع القصر. سيكون امر غير ملائم لعامة الناس".


ارجعت ماهيت الملاءة حتي ذقن الجثة ثانية . لم يغير هذا من شئ ، فمازال موجودا هناك. سألت ماهيت  " وهل كانت تلك القصة  بالنسبة للمحطة  امرا غير ملائمة  أيضا؟ ، "ان المبعوثة التي طلبت ان تكون في خدمتي داخل المدينة كانت غامضة دون داعي "



هزت (الثلاثة - أعشاب البحر) كتفها ، وقد كان تغير طفيف في احد كتفيها . "يا سيادة السفير ، رغم كوني أسيكريتا ، فليس كل أسيكريتا مطلعا بشكل كامل على قرارات وزارة الإعلام "


"ماذا تريدي ان يفعل بجسده؟" استفسر الرجل ذو الزي الأحمر ، وقد تأملته ماهيت ، فوجدته طويلا بالنسبة لشخص تياكسيكلاني ، 


عيناه كانت  ذات لون أخضر ودود مثير للقلق ، تكاد تتطابق مع عينيها. لم يكن لديها أي فكرة عما يجب ان يفعل بالجثث. لم تحرق بنفسها أي شخص قط. لقد كانت صغيرة جدا في السن. ووالديها مازالا علي قيد الحياة . وبجانب ذلك ، ما تفعله انت انك تتصل بالحانوتي  وهو من يتعامل مع الأمر ، ويفضل أن يمسك بيدك شخص تحبه ويبكي معك لأجل فقيدكما المشترك


ليس لديها أي فكرة عما يجب ان تفعله بجثته .ولا احد سوف يبكي عليه ، حتي هي ، ولا يوجد حانوتي فضاء تياكسيكلان يعرف كيفية بدء الاجراءات.


استجمعت نفسها قائلة "ليس هناك شئ بعد " ، وتحملت علي مضض بقايا غثيانها. شعرت أصابعها برعشة كهربية ، ارتعاش وتنميل حيث لامسوا جلد الرجل الميت ، "بالطبع  سأقوم بإجراء ما يلزم بمجرد أن أكون على دراية أفضل بالمرافق المتاحة. هو لن يتعفن  حتى ذلك الحين ، أليس كذلك؟ "


"فقط ببطء شديد" قال الرجل ذو الزي الأحمر


" سيدتي" نظرت ماهيت الي (الثلاثة - اعشاب البحر) طلبا للعون ، حيث كانت مسئولة عن العلاقات الثقافية المتبادلة لذا بمقدورها ان تتولي تلك الأمور جيدا


"(اكسبلانت - الأربعة - ذراع ) من وزارة العلوم." قالت (الثلاثة - أعشاب البحر ) بلطف .


"(الأربعة - ذراع)" قالت ماهيت متجاهلة عن قصد لقب الرجل والذي يعني (عالم)  بالمفهوم العام جدا ، عالم ذو شهادات معتمدة ، "متى سيكون العفن بادٍ للعيان ؟ شهرين آخرين ، ربما؟ "


ابتسم (الأربعة - ذراع) ابتسامة اظهرت اسنانه الفضية الي حد ما   , "عامين يا سيادة السفير"


"ممتاز" قالت ماهيت. "لدينا متسع من الوقت".


انحني (الأربعة - ذراع) فوق كف يديه المتلامستين  في شكل مثلث، كما لو اعطته امرا . أرتابت ماهيت في نفسها الانغماس في ذلك الأمر ، تقبلت هذا الوضع الجديد ، وكان واجب عليها ذلك ، كانت ف حاجة الي مساحة كفاية لتفكر وهنا ليس بالمكان المناسب لذلك الأمر ، في جوف مبني القضاء بجانب ثلاثة من رجال البلاط والعالم المرافق بالمشرحة يترقبوها جميعهم لترتكب خطأ لا رجعة فيه لينتهي أمرها كيسكندر 


تخونها وظائف جسمها .بعد أن ظلت عشرون عاما من العيش في المدينة ، والأكل مما يأكله التياكسيكلاني .هل حقا أمنت بذلك؟


يسكندر ، فكرت في المكان الخالي الذي كان يجب ان يكون فيه  الايماجو ، ما الذي قد  ورطنا به قبل ان تموت ؟


لم يرد . تواصلها مع تلك البقعة الخالية جعلها تشعر كأنها تسقط حتي ولو كانت تدرك ثبات قدمها علي الأرض


"أريد " قالت ماهيت ل (الثلاثة - اعشاب البحر) ببطء وبلغة صحيحة ، محاولة اخفاء الخوف والدوار, "أن أسجل رسميا كسفيرة  المحطة لدي تياكسيكلان ، وايضا أريد رؤية حقيبتي ." وقد أرادت الخروج من هنا بأسرع ما يمكن .


"بالطبع يا سيادة السفير" قالت (الثلاثة - اعشاب البحر) . " أيها العالم . (الأثني عشرة - الشجيرة الأزلية ) . (التسعة وعشرون - الرسم البياني)  لقد أسعدتني رفقتكم".


"ونحن كذلك يا (الثلاثة - اعشاب البحر) " قال  (الأثني عشرة - الشجيرة الأزلية ) . "اتمني لك قضاء وقتا ممتعا يا سيادة السفير ".


هزت (الثلاثة - اعشاب البحر) احد كتفيها مرة ثانية ، كما لو أن لا شيء قد يقيل يمكن أن يؤثر على أسيكريتا  البلاط بطريقة ذا شأن. وقد اعجبتها بها ماهيت  فجأة،  وكانت مدركة ان هذا الاعجاب اكثر منه تعلق يائس  بحليف عن أي شئ أخر . وكانت وحيدة ، دون  ايماجو  يتحدث معها .بالتأكيد سيعود بعد قليل ، بمجرد انتهاء الصدمة ، وبمجرد تلاشي جيشان المشاعر ، انه بخير ، وهي بخير .ولم تعد تشعر بالدوار بعد الأن 


"هيا بنا اذن؟" قالت

Comments

Popular posts from this blog

ماذا ينقص الخيال العلمي العربي ليصبح مرآة مستقبلية؟

ترجمة الفصل الثالث من رواية بوابة المالا نهاية ل مايك كاري