مراجعة رواية كثيب فرانك هربرت





ملحمة خيالية بطلها التاريخ الإنساني!

 لا يوجد أي كشف (حرق) للأحداث في المُراجعة. جميع المعلومات المذكورة أدناه كشف عنها الكاتب في الصفحات الأولى للرواية أو في مُلحقاتها.

كثيرًا ما كان الخيال مظلومًا في تاريخ البشرية، لطالما أثار الخوف في نفوس البعض خاصة الذين يخشون التغيير أو الذين يخشون من أن تفلت الأمور من بين أيديهم. لعلّ هذا الخوف ناتجًا عن أن الخيال لا حدود له.

الخيال محاولة جديّة ليس فقط من أجل لهروب من الواقع، وإنما رغبة في تغييره من خلال تنبؤات مبنيّة على أمور واقعية أو حتى وهمية، كاحتمالات قابلة للتحقق. الخيال تأمّل... والتأمّل تعمّق... والتعمّق دراسة... والدراسة تفكير... والتفكير تخطيط... والتخطيط محاولة، والمحاولة بداية التنفيذ.

تخيّل الإنسان أن لديه جناحين فاخترع الطائرة، وتخيّل أن يغوص كالأسماك تحت الماء فصنع الغواصة، وبمرور الأيام بهتت صورة المُعجزات التي كانت تبهره في الماضي بعد أن انتشى بصنع مُعجزاته هو. امتد بخياله محيط كوكبه وأرضه وسمائه فملكها ولم تعد تكفي خياله المُتوهّج المُتسّع إلى ما لا نهاية. فصنع عوالمًا أخرى مليئة بأشكال شتّى من الحياة، بعضها مُختفية داخل الأرض وأخرى في الفضاء الشاسع وكثير منها في عوالم موازية.

الخيال هو المنفذ السحري الذي خلقه الله تعالى في العقول كي ينفذ منه الإنسان إلى عوالم من ابتكاره، أن يُجرّب تجربة الخلق داخل حدوده ويشعر بلذتها. من يدري... لعلّ الإنسان يحمل توقًا خفيًا في نفسه كي يتخلّص من ماديّته، ويلتحق بعالم الأطياف.

رواية كثيب رواية من أدب الخيال العلمي، لكنها ليست خرافية (فانتازية) الطابع. على العكس؛ الرواية ليس بها كائنات أسطورية بل تعتمد على العنصر البشري بشكل كامل، ولكن في المُستقبل البعيد المُتخيَّل (بعد عشرة آلاف عام) حيث استوطن الإنسان الكثير من الكواكب البعيدة. بعد ثورة كبرى وفوضى عارمة عصفت بكوكب الأرض والكواكب المُعمَّرة الأخرى، قامت الثورة بسبب الآلات ذات الذكاء الاصطناعي بعد إدراك البشر خطورة الاعتماد المُفرط والتام على الآلات، وبالتالي حُرّم صُنع آلات تُحاكي التفكير البشري لضمان عدم استبدال الآلة بالإنسان.

الرواية تحكي عن مؤامرة كُبرى تُحاك في الخفاء ضدّ الدوق ليتو من عائلة آتريديز، يتورّط فيها -بشكل مُباشر أو غير مُباشر- جميع الأطراف الحاكمة للكون (البلاط الإمبراطوري، ائتلاف العائلات الكبيرة المُمثّل في مجلس اللاندسراد، النقابة المُحتكرة للسفر في الفضاء، وأيضًا المؤسسة الدينية الغامضة البِني جيسيرِت). وتسير الأحداث لتوضّح لنا كيف ينجو بول آخر أفراد آتريديز العائلة ليقوم برحلة طويلة للانتقام.

على الرغم من أن حبكة الرواية خطّية مُباشرة، وأن أغلب الأحداث معروفة منذ الصفحات الأولى التي كشفت عن المؤامرة وأطرافها وضحاياها وحتى اسم الخائن، إلا أن من الصعب أن يفقد القارئ فضوله وتشوّقه لمعرفة الأحداث، ذلك لأن التفاصيل تُكشف بشكل مُجزأ وتدريجي على مدار الأحداث، بالإضافة على عدم وضوح مآلات أدوار الشخصيات الثانوية، مما يضمن مستوى جيّدًا للإثارة والتشويق.

أسلوب السرد في رواية كثيب مزيج من أسلوب الراوي العليم (الشخص الثالث) وبين أسلوب الراوي المُراقب. واعتمد على الحوارات المباشرة بالإضافة إلى الاطلاع على الأفكار الداخلية للشخصيات ليس بطريقة وصفية فقط بل كانت في كثير من الأحيان تأتي أفكارهم في صورة جُمل حوارية داخلية.

قد يرى البعض أن أسلوب السرد الذي استخدمه الكاتب في كتابة الرواية قد أضعفها، لكنني لا أتفق مع هذه الفكرة وأرى أن هذا الأسلوب قد خلق اندماجًا بين القارئ وبين الشخصيات كل على حده، حيث أصبح القارئ يُعايش مخاوف كل شخصية وانفعالاتها وشكوكها بشكل واضح ومباشر بعيدًا عن الرمزيات التي قد تُرهق بعض القُرّاء خاصة في عمل طويل مثل هذا. 

رواية "كثيب" تختلف عن روايات الخيال العلمي المُتعلقة بالفضاء. فلا توجد مخلوقات فضائية، ولا أنواع حياة مُختلفة، ولا أنظمة إلكترونية مُعقدة. الرواية أبطالها البشر. فقط بعد أن تمدّدت الرقعة التي يعيشون فيها لتشمل كواكب أخرى بعد أن ضاقت الأرض بهم. انتقل الصراع بين مراكز القوى من الدول على الأرض إلى كواكب مُتباعدة في الفضاء.

قد توحي الرواية في البداية بأحداث سطحية سريعة حركية درامية ترتكز على أمور الفضاء، وعلى فكرة صعود البطل بعد الغدر به وإسقاطه، لكن مع مرور الأحداث يجد القارئ نفسه وسط عالم مُعقّد مُحكم. عالم مصنوع بكل إتقان، ليس فقط في وصف تفاصيله وتوضيح صراعاته وطُرق العيش فيه، لكن المُذهل هو صناعة تاريخ كامل لهذا العالم يذكره الكاتب في ملحق خاص بعد انتهاء أحداث الرواية. ليس فقط تاريخًا سياسيًا واجتماعيًا، بل ودينيًا أيضًا. حتى أنه اجتهد في وضع مراجع خيالية لهذا التاريخ! وكان ذلك أمرًا رائعًا لإثراء تجربة القارئ وإقناعه بأنه موجود في ذلك العالم الخيالي.

اختار الكاتب فرانك هربرت كوكب أرّاكس الصحراوي ليكون هو المسرح الذي ستدور عليه أحداث الرواية. ومن الواضح تأثّر الكاتب الشديد بالبيئة البدويّة العربية الصحراوية والتي استمدّ منها أغلب النقاط الرئيسة للحياة البدوية الصعبة وكيفية تعاملهم مع ندرة المياه عبورهم للصحراء، وأيضًا استلهم من العرب البدو بالذات ما هو مشهور عنهم من أخلاقهم وقوتهم ورغبتهم الحثيثة في التمرّد وعدم رغبتهم في الخضوع تحت سيطرة خارجة عن قبائلهم، وتقديسهم للدين والتفافهم حول شخص نبيّ مُقدّس، ووضع كل هذا في الفِرمن -قوم الصحراء الثائرون في الرواية.

‏على الرغم من استلهام الكاتب فكرة كُلّا من كوكب أرّاكس وشعب الفِرمن من الثقافة والحضارة الإسلامية خاصة في العصور البدويّة الأولى. واستلهام فكرة اللاندسراد من العائلات الحاكمة الملكية النبيلة من الثقافة الأوروبية والصراع الذي دار بين الملوك والمؤسسات الدينية. إلا أنني توقعت أن تكون هذه مُجرد صبغة سطحية سيلوّن بها الكاتب نصّه.

لم أتوقع أن تحتوي الرواية على هذا القدر من العُمق، وبالأخص في مناقشته خطورة اختلاط السياسة بالدين، وفداحة التقديس الأعمى للشخصيات والتي تنشأ عنه الأساطير التي يحب البشر الاستماع إليها والإيمان بها. صراع عنيف وطويل مُتعدّد الأطراف، بين مُستغليّ الدين (خاصة مُروّجي الخرافات الدينية) من جهة وبين الإقطاعيين ومجلس النبلاء من جهة، وبين أصحاب المصالح الاقتصادية من جهة أخرى. ‏أطراف هذا الصراع المرير والطويل تتجاهل الشعوب وتظن أنها تسيطر عليه بمثلث السياسة والدين والاقتصاد، وذلك بموازنة هذه الأضلاع الثلاثة. شعارهم: زد في القسوة ثم أنعم عليهم بالأخف وطأة، ألهمهم بالذي يلهيهم وسيبقون تحت رحمتك. اخنقهم ولا تغرقهم. اجعلهم بالكاد أحياء.

النقطة الأهم هي أن الرواية تلقي الضوء على أن البطل /الأسطورة / المُقدّس، قد يكون ابتلاء على الشعوب على المدى الطويل، خاصة بعد رحيله، حيث تُقام كل الحروب باسمه، وتُنسب كل المقولات (الصحيحة والمدسوسة والمُبالغ فيها) إليه فتكون هي ذاتها مُقدّسة مهما تنافت مع العقل.

‏من الواضح تأثُّر فرانك هربرت الشديد بالحروب المُتعصّبة التي قامت باسم الدين، واطّلاعه على الدسائس والمؤامرات السياسية التي تُحاك في الخفاء، وكيف أنها مكر مجدول لا يُعرف فيه الخائن من الصادق، لأن العهود مجرد وسيلة في نظرهم.

هناك الكثير من الإسقاطات التي تملأ الرواية، مثل اجتماع اللجنة المسكونية لكتابة كتاب الإنجيل الكاثوليكي البرتقالي (كتاب وضعه أطياف من جميع الديانات لوضع غايات السلام وإنهاء التعصّب الديني والتركيز على مبدأ عدم تشويه الروح الإنسانية)، وأيضًا الإشارة إلى تحريف ذلك الكتاب لاحقًا وظهور نُسخ مُعدّلة منه موجّهة إلى فئات شعبية مُتعصبة تعتمد على الرموز الدينية المتعارف عليها مثل الهلال وبوذا والصليب والحواريين الإثنى عشر وغيرها، قبل أن يُعدَم أغلب المُشاركين في ذلك المؤتمر، وتبرؤ من نجا من الإعدام مما جاء في ذلك الكتاب، في إشارة واضحة إلى الساسة الذين في استطاعتهم الإطاحة بالمؤسسات الدينية بالقوة والعُنف رغبة منهم في إزكاء التعصّب الديني واستغلاله لصالحهم.

عندما نتأمل الرواية ونضعها في سياقها الزمني الذي كُتبت فيه عام 1965، نرى التشابه الصارخ بين أطراف النزاع في الرواية وبين الأحداث التي كانت تدور في العالم الحقيقي حينها.

   
في الرواية يحكّم العالم أربع قوى خيالية تُماثلها أربع قوى حقيقية:

الإمبراطور – الحاكم الذي لا يستطيع التفرّد بالحُكم المُطلق والمُقيّد باتفاقات مع بقية أطراف الحُكم. يُقابله في الواقع المَلِك في الدول ذات الحُكم الملكي (مثل المملكة المُتحدة)، أما الحرس الإمبراطوري (الساردوكار) فيُمكن أن يُقابلهم في الواقع الجيش أو الميلشيات.

مجلس العائلات النبيلة – وهو المجلس المُكوَّن من أهم العائلات ذات النفوذ السياسي والمالي، وهُم المُتحكّمين في الثروة بشكل عام. ويُقابله في الواقع الإقطاعيين وأصحاب الشركات الضخمة وأثرياء العالم المُتحكمين في مُجريات الصناعة والزراعة العالمية.

جماعة البنِي جيسيرِت – وهي جماعة تهدف إلى زرع الخرافات والأساطير (نبوءات بانوبليا) في العوالم البدائية، مع استغلال المُعتقدات الدينية المُقدّسة، لاكتساب سلطة كاملة على الشعوب. يُقابلها في الواقع المؤسسات الدينية المُختلفة التي تتعاون مع السُلطات السياسية في الخفاء من أجل إخضاع الشعوب وتدجينها وإزكاء روح الثورات بينهم لاستخدامهم في مخططاتهم في أي صراع مُحتمل مثل الحروب بالوكالة.

النقابة الفضائية الخاص بالسفر عبر الفضاء – وهي جهة مُحايدة علمانية تؤمن فقط بالعلم ولا تنظر إلى الدين سوى أنه أفيون للشعوب يُخَفِّف الضغط عليها عند الاضطهاد، ويُبقيهم على أمل كاذب كي يستمروا في العمل تحت ظروف قاسية. ويُقابلها في الواقع الحركات العلمانية المادية التي تجرّدت من الدين تمامًا، والدول التي سارت على هذا النهج مثل الاتحاد السوفيتي والصين وألمانيا مع اتجاهات مثل اتجاهات هيجل ونيتشه وماركس. بالإضافة إلى ذلك لا ننسى أن في ذاك الوقت من الستينيات كان الإنسان قد بدأ أولى خطواته في محاولة الصعود إلى القمر، حيث كان الاتحاد السوفيتي قد أرسل بالفعل بعثة روبوتات إلى القمر في سباق محموم لوصول الإنسان إلى الفضاء. هذا الأمر بالذات تسبّب حينها في موجة واسعة من الإلحاد أو كما عبّر عنها الكاتب "بَهَت الشعور بقُدسيّة الرب"، وذلك بعد الوصول إلى السماء حيث يعتقد البعض أنه مكان الله المُقدّس، في إشارة إلى المفهوم الذي روّج له نيتشه "موت الإله".

يوظّف فرانك هربرت التاريخ السياسي والديني في عالمنا، ويُضفره مع تنبؤات ومخاوف في المستقبل، ليخلّق نسيجًا مُعقّدًا في عالم كثيب؛ كصرخة تحذير من مغبّة تقديس البشر واستخدام الدين ذريعة للحروب والقتل والإبادة أو للتحكّم بالشعوب باسم الربّ.


على الرغم من أن الكاتب لم يستخدم أسلوب الرواة المُتعددين إلا أنه نجح – من خلال أسلوب الحوار الداخلي- أن يضعنا في عقل كل شخصية من الشخصيات سواء الخيّرة منها أو الشريرة. وهكذا أصبح القارئ مُتماهي مع كل شخصية بدوافعها ومخاوفها وانفعالاتها.

الشخصيات لم تكن مُعقدة وأغلب مساراتها واضحة إن كانت جانب الخير أو الشرّ. لم يكن هناك تغيّرات مُركّبة في بناء الشخصيات، لكن هُناك بعض الرمادية في قليل من الشخصيات لكن بالطبع لن تصل إلى جودة رمادية شخصيات سلسلة "أغنية الجليد والنار" A Song of Ice and Fire لجورج ر.ر. مارتن (لنكن مُنصفين ونُراعي الفاصل الزمني والتطوّر الروائي والدرامي في كتابة الشخصيات)، لكن لا نُنكر أن بعض الشخصيات في كثيب أكثر عُمقًا وتركيبًا من شخصيات سيّد الخواتم Lord of the rings لجون رونالد تولكين. (ملحوظة: المُقارنة السابقة؛ فقط عن مدى عُمق الشخصيات وتركيبها وصراعاتها في أحداث الروايات)

 أفضل الشخصيات بكل تأكيد هي شخصية بول، بكل صراعاته النفسيّة، وكيفية التعامل مع من حوله سواء الأصدقاء أو الأعداء.

أيضًا شخصية الليدي جيسيكا من أجمل شخصيات الرواية. الضغوطات النفسية التي عانتها كانت مُعالَجَة بعناية، وتصرفاتها جاءت مُتناسبة تمامًا مع شخصيتها.


الأدوار المُساندة أو أبطال الدرجة الثانية كانت مُمتازة وُمميّزة، مثل شخصية ستيلجار والدوق ليتو (شعرت بأنها تُشبه شخصية نِد ستارك في رواية لُعبة العروش)، لييت كاينز، جيرني هاليك، دانكن آيداهو، ظفير حوّاط، البارون هاركونن.


حتى الأدوار الهامشية جاءت ذات جودة ملحوظة مثل شخصية حارّة، فيد راوثا، المنتات بايتر.

روايات الخيال العلمي من أصعب الروايات التي يُمكن ترجمتها، ذلك لأن أغلب أحداثها خيالية خُرافية، تعتمد على موروث غربي بالكامل بالإضافة إلى استحداث ونحت كلمات ومصطلحات غير موجودة في لغتها الأم، الأمر الذي يصُعّب ترجمتها نظرًا لأن تلك المصطلحات تحمل دلالات وإسقاطات مُعيّنة. لهذا فمن المُهم جدًا ألا يقتصر عمل المُترجم لهذا النوع الأدبي على الترجمة المُباشرة، ولا أقصد هنا الترجمة الحرفية، بل إيصال المعاني المُستترة والدلالات الحقيقية للحوارات، وهذا لن يحدث سوى إن انغمس المُترجم -كقارئ أولًا- انغماسًا تامًا في النصّ، من أجل استيعاب كامل للأحداث، بالإضافة إلى الإلمام الشامل بالتفاصيل الصغيرة المخفيّة بعناية بين السطور، ومن أجل الإدراك الكامل لدوافع الشخصيات. باختصار يجب على المُترجم أن يكون جُزءًا من النص. هذا فقط ما سيُمكنه من صبغ كُل حوار وإشارة في الرواية بصبغة صاحبها، ويساعده في تضمين الانفعالات الصحيحة داخل الحوارات أو حتى في حركاتها باستخدام الكلمات الصحيحة المُناسبة لذلك.

أكثر ما شجّعني لقراءة رواية كثيب هو أن الرواية من ترجمة المُترجم المصري "نادر أسامة" لأنني أعرف أنه من المهووسين بأدب الخيال العلمي، ولأن ترجمته لرواية "الشيء" لستيفن كنج كانت مُميزّة. راهنت على أن خوضي تجربة قراءة كثيب (1000 صفحة) ستكون تجربة مُمتعة؛ لإيماني بأنني سألمس هذا الشغف في ترجمته، ولم يخب ظنّي في الترجمة والتي جاءت في أبهى صورها.

أعجبني أن المُترجم قد أدرك رغبة الكاتب في صبغ الرواية بصبغة عربية، كان ذلك واضحًا في استخدام الكاتب فرانك هربرت الكثير من الكلمات العربية والإسلامية (بعضها مُحرّف عن العربية وبعضها مُطابق). هكذا نرى استخدام كلمات عربية بلفظها الأصلي سواء كان يقصد معناها الحقيقي أم لا. فنجد مثلًا شيء الخلود، صباح الخير، أمثال، أرّاكس (الراقص) – آيات – برهان – جهاد -هجرة -الإخوان البدويين، استصلاح، بكّاء، بِلا كيف، حجّ، كتاب العِبَر.

أدرك المُترجم نزعة الكاتب فعزّز ذلك باستخدام لُغة مُشابهة لهذه الثقافة (خاصة في أحاديث الفِرمن)، واختار ألفاظًا مُناسبة جدًا لا تُغيّر مُراد الكاتب لكنها تُعزز معناه لدى القارئ العربي نظرًا لأنه أقدر على فهمها. ومن أمثلة الكلمات التي استخدمها المُترجم. (لومة لائم – مقصورات في الخيام – أخذتك العزّة – ما ظهر في الكلام وما بطن – لا تنسانا من صالح دعائك – أينما تولّ وجهك – لا تثريب). في ظنّي أن الكاتب إن كان على قيد الحياة لأرسل رسالة شُكر للمُترجم على هذه الخطوة.

اختيار المُترجم "نادر أسامة" لترجمة هذا العمل كان نظرة ثاقبة من الناشر "دار كلمات"، ليس فقط لقوة لُغته، أو لشغفه بأدب الخيال العلمي، لكن أيضًا لأن المُترجم ناقد سنيمائي له رؤية مُميّزة تجعله حريصًا على تقديم العمل بشكل رائع مع فهم دقيق للشخصيات.

كُل التحيّة للمُترجم على هذه الترجمة التي صنعة تجربة قرائية مُتكاملة مُدهشة.



Comments

Popular posts from this blog

ماذا ينقص الخيال العلمي العربي ليصبح مرآة مستقبلية؟

ترجمة الفصل الثالث من رواية بوابة المالا نهاية ل مايك كاري