أدب الخيال العلمي والواقعية لا ينفصلان.. مقال مترجم
في مقابلة أداها محاور شبكة الكتاب الصينين، دار الحوار الأتي بين الكاتب الصيني ليو تسيشين رائد أدب الخيال العلمي بالصين (أول كاتب أسيوي يفوز بجائزة هوجو والكاتب الصيني لي جيون هو باعتباره ممثلا لتيار الأدب الواقعي.
المحاور: ليو تسيشن، هل تعتقد أن أدب الخيال العلمي الصيني قد وصل الي مستوي عالمي؟
- ليو تسيشين: هذا محض وهم، لأن سوق الخيال العلمي بالصين حاليا لا يزال يعاني حالة من الركود، فعدد القراء قليل للغاية، بالاضافة الي نقص الأعمال المؤثرة ، وكذلك الكتاب المؤثرين. مثل هذا الوضع لا يجعل فوز كاتب معين بجائزة دولية يغيره فثمة هوة شاسعة بين أدب الخيال العلمي لدينا وأدب الخيال العلمي في الدول الكبري مثل الولايات المتحدة الأمريكية.
السي ليو ، برأيك هل السبب في تأخر أدب الخيال العلمي في الصين يعود الي غياب السوق أم الي نقص كتاب الخيال العلمي؟
-لي تسيشين: تأتي الأجابة علي هذا السؤال انطلاقا من منظورين يتعلق أحدهما بأدب الخيال العلمي الصيني: الذي يتسم مساره بالتعرج الشديد فقد توقف ازدهاره في أواخر عصر أسرة تشينج وأوائل عهد الجمهورية جراء الحروب والأضرابات بعد تأسيس الصين الجديدة، والوقوع تحت تأثير الاتحاد السوفيتي في الخمسينيات من القرن المنصرم، ثم شهد أدب الخيال العلمي المحلي بعض الازدهار، لكنه سرعان ما توقف ثانية بسبب الثورة الثقافية ، وفي الثمانينيات من القرن الماضي شهد ازدهارا مؤقتا، تلا ذلك ازدهار بالغ، مثله كتاب شياو لينج تونج يسافر الي المستقبل للكاتب يه يونج ليه
الذي وصلت مبيعاته الي أربعة ملايين نسخة، لكن بسبب حملة مكافحة التلوث الروحي، وغيرها من الأسباب تراجع نشر الخيال العلمي في دولة بأكملها، بين عشية وضحاها، الي ما نسبته صفر، ثم عاد يتعافي، تدريجيا ، بدءا من عام 1995 لذا فأدب الخيال العلمي الصيني دائما ما ينقطع مساره لكنه في كل مرة، يعود فيها ليتصل بعد انقطاع لا يبقي علي أي موروث سابق، علي سبيل المثال، جيلنا الحالي من كتاب الخيال العلمي منفصل تماما عن كتاب الخيال العلمي في الثمانينات سواء من حيث الممفوم الابداعي أو العلاقة المتبادلة بين الجيلين، فليس ثمة موروث في هذا الشأن، علي الأطلاق لذا علي الرقم من أن أدب الخيال العلمي في الصين لم ينشأ متأخرا الا أنه لا يزال في طور السذاجة التي لم تصل الي النضج بعد
أتسائل: كيف تمكن السيد لي جيون هو من فهم الفضاء الخارجي عندما كان طفلا؟
-لي جيون هو: ربما لأن والدي كان مزارعا محبا للقراءة، فقد احتوي منزلنا علي العديد من الكتب. لم تكن الأعمال التي طالعتها عندما كنت طفلا تندرج تحت أدب الخيال العلمي الخالص، في واقع الأمر، بل هي كتب تنطوري علي معارف حقيقية تتعلق بعلم الفلك.
بعد ظهور مشكلة الأجسام الثلاثة للأخ تسيشين كان لدي العديد من القراء فجوة فيما يتعلق بفهم الخيال العلمي الصعب الذي تشمله الرواية ذلك لقلة درايتهم بالتسميات الأساسية للأجرام السماوية بينما كان الوضع مختلفا بالنسبة الي، لانني كنت قد طالعت الكثير من المفاهيم الفلكية مثل المستعر الأعظم والعملاق الأحمر الضخم والسديم والثقب الأسود وغيرها في بعض الكتب الفلكية التي كانت بحوزة والدي عندما كنت طفلا ، كما كنت علي دراية جيدة بكفية حدوث انفجار المسعر الأعظم
حاز والدي نسخة من كتاب المعارف الفلكية الذي كان مليئا بالصور والنصوص مازلت الي الأن اتذكر غلافه بوضوه ، كنت مولعا بهذا الكتاب وأنا في المدرسة الأبتدائية، ولطالما استلقيت علي رقعة من الخيش مستمتعا بلفحة البرد التي تتخلل الليل، وانا أتطلع الي السماء ، متخيلا موقع وهيئة الأجرام السماوية التي كنت أقرأ عنها في النهار.يمكن القول بكلمات عصرية ان ذلك بالنسبة الي أنذاك كان نافذة مفتوحة علي مصراعيها في عقلي فقد اسهم ذلك في دفع طفل ريفي علي تجاوز حيزه المكاني بل السير به لتجاوز الكرة الأرضية كلها ، وتخيل الكون ، هذا النوع من التحفيز الأيجابي رائع للغاية. وفيما يتعلق بتخيل الفضاء الخارجي أعتقد ان هذا الأمر ليس قاصرا علي الأطفال الصغار ،فحسب ، فما زلت مفتونا به الي لأن، وثمة الكثير من الناس ، حول العالم، مفتونون به كذلك ، غالبا ما يكون شغف البشر وحماسهم لاستكئاف المجهول كامنين في مرحلة الطفولة.
لقد ذكر السي لي جيون هو للتو عبارة الخيال العلمي الصعب ذلك الذي تمكن السيد لي من فهمه جيدا بعد مطالعة العديد من كتب الفلك. وبالحديث عن المفهوم المقابل ، يتبدي مفهوم الخيال العلمي السهل فماذا عساه يكون هذا المفهوم؟ من فضلك سيد ليو تسيشين فسر لنا هذا الأمر.
- ليو تسيشن : في الواقع ، يعد أدب الخيال العلمي مفهوما غامضا للغاية، فليس ثمة تعريف دقيق له، حتي الأن، فالتعريفات المختلفة التي طرحها النقاد لاتعد، ولا تحصي، بينما لا يمكن لأي منها أ، يحظي باعتراف الجميع، لأن ثمة استثناء لكل تعريف مقترح، حتي أن أحد التعريفات الحالية هو أدب الخيال العلمي الذي تنشره دار نشر الخيال العلمي، لذا أول ان الخيال العلمي الصعب والخيال العلمي السهل طريقة للتسمية ألفها القراء، بحيث يمكن أن يطلقوا علي الخيال القائم بشكل أساسي علي العلم تسمية الخيال العلمي الصعب بينما يطلق الخيال العلمي السهل علي ذلك الخيال العلمي المستخدم في الأعمال الأدبية كغطاء ، يغلف الحب التقليدي وكافة أنواع التحقيقات ويمكن التمييز بين النوعين علي هذا النحو ، اذا تم حذف محتوي الخيال العلمي من متن القصة ، فتهدمت بغيابه وتلاشت، ولم يعد من الممكن سردها فذلك ما يطلق عليه الخيال العلمي الصعب ، وهو ما يطلق في الغرب الخيال العلمي علي طريق كامبل وكامبل هو كاتب للخيال العلمي في مرحلة مبكرة لعب دورا أساسيا في تطوير أدب الخيال العلمي لاحقا
يبدو أن مشكلة الأجسام الثلاثة تنطوي علي الكثير من الخيال العلمي الصعب يعود ذلك للاعتقاد الذي يساور الكثير من القراء خلال مسيرة القراءة بأن اما يضمه العمل من جنباته منت خيال ليس الا حقيقة وأنه سيصير واقعا في المستقبل
- ليو تسيشين: هذا ما ينشده كل كاتب للخيال العلمي اذ يسعي الجميع لاستخدام أنماط من الواقعية تمكنهم من كتابة أكثر الظواهر جنونا، لتتبدي مثل التقارير الأخبارية.. تماما، هذا هو المسعي الأسمي للجميع حتما، لا يناسب سرد القصص الخيالية استخدام أسلوب خيالي يهدف بالأساس الي وصف أشياء خيالية فعادة ما تسلك هذه القصص سبيل الواقعية ، لوصف أكثر الأمور جنونا، وأكثرها بعدا عن الواقع ويعد هذا أيضا مفهوما ابداعيا أساسيا للخيال العلمي.
أ, أن أسأل السيد لي جيون هي : هل لنجاح مشكلة الأجسام الثلاثة تأثير علي الأدب التقليدي، من حيث صارت مصدر مؤكدا للألهام؟
- لي جيون هو: تعد ابدعات الأخر تسيشن وكذلك الجائزة التي نالها هذه المرة مصدرا للألهام، كما تدفع بشدة لتأمل الأدب الصيني. لا أعرف منذ متي بدأ ابتداع الأدب الصيني التقليدي (لا أعرفب في التحدث بشأن تراجعه) فقد أضاع الكثير من الطرق التي كان ينبغي أن يسلكها. منذ بداية مسيرة الأدب الصيني كانت هناك أعمال تضم وعيا بالزمن وبالمكان، ووعيا بالكون من حولنا، ومثال علي ذلك كتاب تشو يوان استكشاف الفضاء لكن وصولا للعصر الحالي وخاصة العقود الأخيرة بدا كأن الكتاب ما عادوا يملكون سوي الحبكات الأرضية، ومن ثم غدا معيار الحكم علي جودة أو أهمية عمل كاتب ما يتعلق بمدي ارتباطه بالواقع، فالجميع يقفون علي الأرض وليس ثمة وجود للأشياؤ المحلقة كالسماء والكون هذه الأشياء التي تحلق لا وجود لها فعليا. بينما يعد عمل تسيشن مشكلة الأجسام الثلاثة تنبيها عظيما للغاية في هذا الصدد لماذا فقدنا هذه المساحة من الأبداع؟
الخيال بالنسبة الي الأدب مثل جناحين بينما نحن علي الدوام مستلقون علي الأرض لا يمكننا التحليق كطائر الباز ، بل لا يسعنا سوي الركض علي الأرض مثل الدجاجة وتلك مشكلة ايضا
ثمة مشكلة أخري هي أن الأبداع الصيني الأدبي والسينمائي يتسم بالجودة لكن من وجهة النظر الحالية ينصب تركيزه علي التاريخ دون الأهتما بالمستقبل . شاع في السابق قول مأثور مفاده ان ليس للولايات المتحدة الأميريكية تاريخ ، وليس للصين مستقبل، ينطوي هذا القول هكذا علي مفهومي الزمان والمكان. وهنا يكمن تذكير كبير للغاية ، من أدب الخيال العلمي الصيني لنظيره التقليدي لما في ذلك بعض الأعمال الدرامية الحالية المتعلقة بالسفر عبر الزمن ، والتي ترتد الي الوراء كذلك، فتختلف عن نظيراتها في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية كذلك عن أفلام الرسوم المتحركة اليابانية ، تلك التي تتطلع الي المستقبل ، مثل مسلسل الأنمي الياباني عبقور حيث العودة من المستقبل لانقاذ الحاضر بهدف تغيير الحاضر ثم تصحيح مسار المستقبل.
وثمة مشكلة أخري تتعلق بالتقديس فقد تعرض الكتاب الصينيون في السنوات السابقة للقمع جراء التقديس فعند ذكر الابداع والشروع في الكتاب، يقع القلم تحت وطأة التفكير في ضرورة توقير الكلاسيكات ، بهذه الطريقة يكون مشدودا للغاية مثقلا بضغط شديد. لكن في السنوات الأخيرة بدلا من ذلك تم تجاهل وعي الكلاسيكيات ، ربما حدث ذلك بتأثير السوق . اعتقد ان تأثير السوق كبير نسبيا ، حيث صار الأعتقاد بأ،ه طالما أ،ت تكتب فذلك حسن، واذا كنت من الأكثر مبيعا فذلك جيد ، حتي أن ثمة اتجاها في الوقت الحالي يعرف بالتحزب يسود فيه الاعتقاد بأن المرء يكتب ليطالع النقاد ما يكتبه، وطالما أقر النقاد ما كتبه فذلك كل ما في الأمر لذا علي النقيض من ذلك تلاقي تماما مثل هذا الوعي الثمين القائم علي تقديس الكلاسيكات.
أما بالنسبة الي ابداع الأخ ليو تسيشن فلن اتحدث في البداية عن مشكلة الأجسام الثلاثة فلدية قصة قصيرة قديمة تسمي رعاية الاله وهي قصة قصيرة كلاسيكية للغاية وعلي الرغم من أ،ه استخدم فيها نهج الخيال العلمي الا أنه اهتم بالطبيعة البشرية ، حيث عكس الواقع الحالي وتمتع بسلطة علي الواقع تفوق سلطة للواقعية واعتقد ان ابداعنا الواقعي أو الابداع الأدبي التقليدي يجب ان يشيد بابداع أدب الخيال العلمي ويتعلم منه.
قلت للتو ان اعمالنا الدرامية المتعلقة بالسفر عبر الزمن جميعها ترتد الي الوراء وهذا ينبهنا الي امكان ان تتطلع أعمالنا الدرامية الي المستقبل حيث يمكن للأدب التقليدي محاروة المستقبل.
-لي جيون جو: في الواقع لا يتعلق الأمر بالأدب كما لا يتقصر علي مجال السينما والتليفزيون فحسب، بل يوضح التوجه الروحي لأمة بأسرها ، أيضا لا يمكنت أن ندع الأخرين يعتقدون ان الأمة الصينية لا يسعها سوي الارتداد الي مجدها الأدبي القديم، ولا يمكننا ان نتخيل الصورة التي قد يكون عليها مستقبلنا ، ولا أحد يسعي للتفكير في ذلك وبصفتي فنانا تقع علي عاتقي هذه المسؤولية وذلك العبء، الا انني افتقر الي القدرة علي التخيل وعلي العكس من ذلك ، يملأ ادب الخيال العلمي هذا الفراغ ويضطلع بدور يجب ان يكون الأدب التقليدي هو المنوط به.
تحدثنا للتو عن الثقافة الصينية ، علي الرغم من اننا غالبا ما ننظر الي الوراء ، لكن يمكننا ان نري الخرافات والأساطير وما تتمتع به من ثراء. اتساءل هل كان هذا جزء من منشا ابداع الخيال العلمي؟
-ليو تسيشين: الأمر ليس مقتصرا علي الأساطير الصينية فحسب، بل ان الأساطير الغربية كذلك ، لديها الكثير من القواسم المشتركة مع الخيال العلمي . بينما يمكن القول من ناحية اخري ، ان الخيال العلمي نفسه هو نمط أدبي نتج عن التقدم التكنولوجي الذي اعقب الثورة الصناعية متسما بطريقته الفكرية التي تميزه تختلف طريقة التفكير هذه عن نظيرتها في الأساطير التقليدية، فالنسبة الي الصين ، تضم الأساطير الصينية القديمة بين جنباتها الكثير من عناصر الخيال العلمي علي سبيل المثال في رواية رومانسية الممالك الثلاثة كانت تصميم العربات الخشبية التي علي هيئة ابقار وخيول وغيرها من العناصر أشبه ما يكون بعناصر الخيال العلمي بينما يعد نمط التفكير السائد بالخيال العلمي مغايرا لنمط التفكير الخاص بالأساطير. يعد أدب الخيال العلمي الصيني منجا اجنبيا محضا من منظور أدب الخيال العلمي.
أعتقد أنني أتفق علي نحو خاص مع السيد لي بخصوص الموضوع الذي أثاره للتو بشأن العلاقة بين أدب الخيال العلمي والأدب الواقعي المعاصر في الصين قبل فوز مشكلة الأجسام الثلاثة بالجائزة تأثرت بشدة بتعليق نشر في صحيفة نيويورك تايمز مفاده ان الأزدهار الحالي لأدب الخيال العلمي في الصين قد جذب الأنظار.
بداية القول يتمتع أدب الخيال العلمي بميزة غريبة ألا وهي أنه يعد مقياسا لبلد ما ولا تتوفر هذه الميزة لغيره من الأنماط الأدبية نظرا لأن الأدب الواقعي يمكن ان تنشأ عل يراحتيه الكلاسيكيات في أماكن ليست متقدمة مثال ذلك الأدب الروسي وهناك ايضا ادب امريكا اللاتينية مثل عمل ماركيز مئة عام من العزلة الذي تولد في منطقة متخلفة للغاية لكن ذلك لا ينطبق علي ادب الخيال العلمي مطلقا فالمكان الذي يشهد ازدهاره لابد ان يكون مكانا ترتفع فيه القوة الوطنية
يعني هذا ان المملكة المتحدة هي مهد أدب الخيال العلمي حينما كانت الأمبراطورية لا تغيب عنها الشمس ابدا لكن مع تراجع بريطانيا وارتداد أوروبا الي الخلف وفي ظل التنامي السريع للقوة الوطنية الأمريكية انتقل التركيز علي أدب الخيال العلمي ليصل بدوره الي أمريكا . مثلت الفترة من الثلاثينيات الي الستينات العصر الذهبي لأدب الخيال العلمي الأمريكي والتي صادفت مرحلة الصعود السريع للقوة الوطنية في الولايات المتحدة الأ/ريكية والان جذب أدب الخيال العلمي الصيني الانتباه علي حين غرة ويرتبط هذا ارتباطا وثيقا بالخلفية الكبري للمجتمع الصيني.
علقت صحيفة نيويورك تايمز علي الأمر أنذاك بان ادب الخيال العلمي في الصين بات يحظة بالاهتمام وهم ما يمثل تغييرا في طريقة تفكير الجيل الجيد من الصينين بمعني ان الصين بدأت في توسيع رؤيتها القديمة المتعلقة بطريقة التفكير الواقعية تلك التي وضعت من خلالها الأرض نصب عينيها مولية ظهرها للسماء . من سمات ادب الخيال العلمي انه ينظر الي البشر باعتبارها كيانا واحدا وتمثل الكوارث والتحديات التي يواجهونها هما مشتركا لهم جميعا بعض النظر عن اعراقهم.
يشير هذا الي ان الجيل الجديد من القراء الصينين لا يعتبرون انفسهم صينين فحسب بل يعتبرون انفسهم ايضا افرادا في العائلة البشرية او الأسئلة الأساسية ذات الاهتمام المشترك للبشرية مجتمعة. بالاضافة الي انهم قد شرعوا يهتمون بالمشكلات او الاسئلة الاساسية ذات الاهتما المشترك للبشرية ، مثل من اين اتينا؟ والي اين نحن ذاهبون؟ وما الهيئة التي سيكون عليها مستقبلنا؟.
تأثرت بشكل خاص بالجملة الأخيرة من التعليق المعنية بأن هذا التغيير في طريقة تفكير الجيل الجديد من الشعب الصيني سيكون له بالغ الأثر علي مصر الصين والعالم.
اتسم هذا التعليق بالعمق الشديد وعلي الرغم من كثرة التعليقات المحلية الا انني لم ار من بينها تعليقا يحمل هذه الرؤية ، وينطوي علي هذا التحليل العميق لذا فما تفضل السيد لي بطرحه للتو بشأن كيف يمكن لأ>بنا السائد ان يتكيف مع التحول الحالي في طريقة تفكير القراء يعد مشكلة حقيقة نظرا لاانا نعتقد في الوقت الراهن ان الأ>ب الواقعي هو بالعفل التيار الادبي السائد فقد حقق انجازات رائعة خلال المئتي عام الماضيين ومن ثم خلف عددا لا يحصي من الكلاسيكيات . لكن بنظرة كلية لتاريخ الأدب البشري نجد ان الواقعية ليست سوي مرحلة قصيرة المدي فقد برزت الواقعية بشكل حقيقي بعد عصر النهضة الأوربية بينما لم تكن كل الأداب البشرية السابقة سوي اداب خيالية في مجملها لذا يتمثل السؤال الجدير حقا بالتفكير فيه والمعضلة التي تستحق التحدي في معرفة الاتجاه الذي يتطور فيه تيار الادب الواقعي لدينا.
تبرز في اعمالك فكرة الأرض حماية نفسها من خلال ارسال اشارة الي الكون.
-ليو تسيشن : ذلك هوا التفكير المنطقي فلا يمكن لأبون ان يطلبا من طفليهما حال لقائه شخصا غريبا ان يتخيل ان ذلك الغريب شخص طيب، فتلك ممارسة غير مسؤولة هنا تكمن غرابة البشر في البداية وقبل كل شئ ثمة شعور بعدم الثقة المتبادلة فيما يبين الحضارات البشرية وثمة مساحات شاسعة من الريبة بين هذه الحضارات المختلفة ومثل هذه الريبة وعدم الثقة ستؤديان حتما الي حروب عالمية تسفك فيها الدماء أنهارا ، لكن الغريب في الامر ان كل خيالاتنا بشان الفضائين جميلة نظن ان هناك مبادئ اخلاقية سامية معترف بها في سائر الكون حين نعتقد ان الفضائيين سينساقون لتقنياتهم العالية/ وما يتمتعون به من مستوي أ×لاقي عال ويحترمون كل اشكال الحياة والحضارة القائمة . ليس ثمة دليل يثبت صحة هذه النقطة حتي الأن
سيد لي جيون هو لو تجاوزنا هوية الكاتب وتقمصنا بدلا عنها هوية احد محبي الخيال العلمي لقلنا ان ما بين ايدينا اليوم من هواتفق محمولة واجهزة كمبيوتر ربما كانت مواد كتبها ادب الخيال العلمي في السابق. من موقعنا بهذا العصر تري ما الذي قد يحدق مستقبلا؟
- لي جيون هو: باعتباري كاتبا او قارئا (الأمر سيان) اعتقد ان الأشياء التي قالها للتو الاخ تسيشن توضح شعور البشر النهائي بخيبة الأمل ربما لت تساورنا المخاوف بشان المشاكل الحالية ولكن حينما نعلم ان الشمس ستنطفئ في غصون ستة مليارات سنة سيتولد لديك علي الفور شعور بخيبة الأمل . هذا الشعور باليأس هو المدصر الروحي للابداع الفني، ولابداع الخيال العلمي كذلك. ان بحث البشر عن رفقاء الروح من الفضائيين ليس الا سعيهم لايجاد مخرج ومنح خيبة الأ/ل تلك شعور بالامل.
هناك نقطة اخري تتمثل في ان الابداع الواقعي وخلق الخيال العلمي متسقان لا انفصال بينهما فالكلاسيكيات الرائعة بحق لا يعوزها العناصر المميزة لكلا الجانبين ومثال علي ذلك رواية 1984 للانجليزي جورج تورويل كتب هذا العمل عام 1948 وقد تخيل النمط الذي سيكون عليه العالم في عام 1984 ووجود ثلاث متغيرات تتشابه في ذلك مع مشكلة الأجسام الثلاثة لدي الأخ تسيشين فعلي الرغم من ان العمل قد كتب في عام 1948 الا ان ما كتب قد صار واقعا متحققا بحلول عام 1984 صار النمط العالمي علي ذلك النحو، كما غدق البيئة السياسية محاكية لتلك المكتوبة. جورج اورويل نفسه كاتب واقعي غير ان كتابته كانت اكثر دقة من تنبؤات الخيال العلمي لذا فالخيال العلمي والواقع لا ينفصلان.
رواية المعلم ومارجريتا للكاتب بولجاكوف هي مثال اخر علي ذلك وهي ايضا عمل واقعي لكنه يحكي عن توغل الشيطان في حياة البشر ورعبته في تغير الحياة البشرية وفقا لنواياه ذلك في ظل بيئة سخرية للغاية. ثمة بعض من تفاصيلها التي تعكس واقع المجتمع الحالي وقبولنا اللامبالي لبعض الأمور غير الطبيعية مثله تحول الشيطان الي قط كبير، ينتظر الحافلة في محطة الحافلات وبعدما يستقل الحافلة لا يستري تذكرة بينما لا يشعل الركاب المتزاحمون بالغرابة لذلك وبدلا من ذلك يوبخه محصل التذاكر لعدم شراء تذكرة كما لو كان شخصا عاديا .
هذا النوع من القبول الطبيعي للامور غير الطبيعية يؤثر بشدة في اذهان الناس وهنا يكون قد حقق تلك القوة التي تتمتع بها الواقعية ، بينما تأسس الابداع علي استعارة تقنية سحرية فهي نوع من تقنيات الخيال العلمي ومن ثم لا ينفصل الواقع عن الخيال العلمي في الاعمال جيدة لهذا السبب لا أتفق مع قول الأخ تسيشين أن ادب الخيال العلمي هو أدب فئوي لأقلية . لقد قرات عمله مشكلة الأجسام الثلاثة واعتقد ان السرد والبنية الروائيةبالاضافة الي مستوي التفصيل والاحكام قد ارتقوا بابداعه ليفوق العديد من الروايات الواقعية، فبين دفتي روايته انجاز ادبي راق للغاية، من هنا لا تستهدف مساهمته في الأدب اقلية كما انها ليست فئوية.
يمثل فوز ليو تسيشين بجائزة عن عمله مشكلة الاجسام الثلاثة دفعة لأدب الخيال العلمي الصيني. اود ان اطلب من السيد لي جيون هو تقديم بعض المقترحات من اجل النهوض بنشر الخيال العلمي لدينا
- لي جيون هو: سأقدم اقتراح جرئيا بعض الشئ لكنه ممكن الي حد اعتقد ان الجائزة التي نالتها رواية مشكلة الاجسام الثلاثة تعد امرا عظيما للغاية بالنسبة الي الوسط الأدبي وخاصة وسط ادب الخيال العلمي/ حيث تتمع مشكلة الاجسام الثلاثة بقاعدة جماهيرية ضخمة في الداخل والخارج. اعتقد ان بامكاننا الاستفادة من هذه الفرصة وتقليد ملك حكايات الاطفال الخرافية التي كتبها تشنج يوان جيه انذاك ، فقد كان بمفرده مؤلف ملك حكايات الاطفال الخرافية بينما امكنه ان يجذب الي مجلته ملايين القراء، ليصل تداولها الي رقم فلكي . اظن ان من الممكن استئناف اصدار مجلة الخيال العلمي الجديد المتوقفة والسماح للاخ تسيشين ان يكون المؤلف الرئيسي فيها ليواصل نشر أعمال الخيال العلمي المتاحة لديه بشكل متسلسل. قام تشنج يوان جيه بالامر ذاته، فكان ينشر اعماله بشكل دوري، كل عشر سنوات تقريبا.
بعد حصول مشكلة الاجسام الثلاثة علي الجائزة تملك الجميع شعور غامض تجاه المؤلف كما تطلع القراء بشدة الي اعماله الأخري لذا يمكننا الاستفادة من مجلة الخيال العلمي الجديد لتقديم الصورة الكاملة لاعمال الاخ تسيشين بصورة منهجية قول ذلك مرده قاعدة المعجبين الخاصة بتسيشن فطالما لاقي الاعلان المسبق عن هذه المجلة مردودا جيدا فسيكون حجم الاشتراك بها اكبر من كل المجلات الاخري في الصين.
لا تزال قاعدة المعجبين هذه تتزايد باطراد فمن لم يقرؤوا اعمال الخيال العلمي من قبل عدوا يقرؤونه الان لذا يمكننا الاستفادة من القاعدة الجماهيريه للاخ تسيشن حيث تصبح اساسا بالنهوض من جديد، وبهذه الطريقة لا نبرز الصورة الكالمة لاعمال تسيشين بشكل مفرد، بل نجعل منها منصة رائعة لكتاب الخيال العلمي في البلاد باكملها ، ومن هنا نسمح للاخ تسيشين بأن يكون هو المؤلف الرئيسي كما نخصص عدة صفحات لنشر اعمال غيره من كتاب الخيال العلمي. وبوجود المنصة ستكون هناك فرصة للازدهار
Comments
Post a Comment